- مصادر التلقي: ترى الماتريدية أن مصدر التلقي الأول في معظم أبواب التوحيد هو العقل دون النقل، وذلك لأن الأدلة العقلية عندهم قطعية، أما السمعية فإنها ظواهر ظنية. وقد قسموا أصول الدين إلى عقليات وسمعيات، فمصدر التلقي في العقليات هو العقل وهو الأصل والنقل تابع له، ويشمل هذا معظم أبواب التوحيد والصفات. أما السمعيات فمصدر التلقي فيها هو النقل والعقل تابع له، وتشمل أمورًا: كعذاب القبر والصراط وأحوال الآخرة. أما إذا قدر تعارض بين الأدلة العقلية والسمعية في أبواب التوحيد فإنهم يقدمون الأدلة العقلية التي هي عندهم قطعية، وأما السمعية فعندهم مصيرها التأويل والتحريف أو النفي، لأنها إنما هي ظنية. ويقولون إن النصوص إذا كانت خلاف العقل، فإن كانت متواترة فهي وإن كانت قطعية الثبوت لكنها ظنية الدلالة فالعقل مقدم عليها، فلذلك الأدلة النقلية تؤول أو تفوض، أما الأدلة العقلية فلا تأويل لها بل تأويلها محال. ترى السلفية أن منهج الماتريدية في نصوص الوحي باطل فاسد، لأنه صريح في أن العقل أصل والشرع تابع له.
- التوحيد: يقسم السلفية التوحيد من خلال استقرائهم للنصوص الشرعية إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، فيثبتون هذه الأنواع الثلاثة لله. أما الماتريدية فإن التوحيد عندهم ثلاثة أنواع: توحيد في الذات: فاللَّه لا قسيم له بمعنى أنه لا يتبعض ولا يتجزأ، وتوحيد في الصفات: فاللَّه لا شبيه له، وتوحيد في الأفعال: فاللَّه لا شريك له في أفعاله. ويتضح أنهم جعلوا توحيد الربوبية هو الغاية العظمى، وأنهم أهملوا توحيد الألوهية تمامًا. أما الاستدلال على وجود اللَّه فإنهم يستدلون على وجوده بطريقة الحدوث، وهي إثبات حدوث العالم أولا، وذلك أن العالم عندهم جواهر وأعراض، والجواهر لا تنفك عن الأعراض والأعراض حادثة، وما لا ينفك عن الحوادث فهو حادث . تقول السلفية أن هذه الطريقة في الاستدلال مخالفة لطريقة السلف الذين يستدلون على وجود اللَّه بدلالة الفطرة وغيرها، وذلك لأن طريقة المتكلمين فيها تعقيد شديد وتكلف قد يخفى على كثير من الناس، وكذلك فإن هذه الطرق توقع في الشبهات التي قد تؤدي إلى زعزعة الإيمان في النفس.
- الصفات: تقول السلفية أن الماتريدية ضيقوا دائرة الإثبات، وتظاهروا بإثبات ثماني صفات فقط هي: الحياة والقدرة والعلم والإرادة والسمع والبصر والكلام والتكوين. أما صفة الكلام فإنهم يقولون بالكلام النفسي الذي لا يسمع، وليس بحرف ولا بصوت، وصفة التكوين عندهم هي مرجع لجميع الصفات الفعلية المتعدية. ويرون أنهم صرفوا نصوص إثبات الوجه إلى الذات والوجود، وصرفوا نصوص إثبات اليدين إلى إثبات كمال القدرة أو الملك والمنة، وصرفوا نصوص إثبات صفة الاستواء إلى الاستيلاء، وعطلوا صفة النزول وصرفوا نصوصها إلى اللطف والرحمة.
- الإيمان: اتفق الماتريدية مع السلفية في عدم تكفير مرتكب الكبيرة، لكنهم خالفوهم في أكثر مباحث الإيمان، فمن ذلك: قالوا بخروج الأعمال عن مسمى الإيمان وذلك خلافًا لمذهب السلف. قالوا بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص وهذا مخالف لمذهب السلف. حرموا الاستثناء في الأيمان. ذهب أكثرهم إلى مذهب الماتريدي في تعريف الإيمان، وأنه هو التصديق لا غير، وأما الإقرار فهو شرط لإجراء الأحكام الدنيوية، وهذا غلو في الإرجاء، وهو خلاف مذهب السلف الذين قالوا: إن الإيمان تصديق بالجنان وقول باللسان وعمل بالجوراح والأركان. وإن كان فيهم من ذهب إلى أن الإيمان هو التصديق والإقرار، غير أن جمهورهم ذهب إلى تعريف الإيمان بأنه التصديق فقط.
الخميس، 15 مارس 2018
الأصول التي خالف فيها الماتريدية السلفية أهل الأثر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق