الصفحات

الأحد، 20 مايو 2018

أسباب الأمراض النفسية والعقلية-2

لإصابة السابقة بالمرض النفسي :
تترك المريض بعد شفائه منها عرضه للنكسة أو الإصابة مرة أخرى ، إلا إذا عولج علاجا طويلا هادفا وقائيا شاملا . 
الأسباب البيئية الخارجية :
وهي الأسباب التي تحيط بالفرد في البيئة أو المجال الاجتماعي . ومن أمثلتها اضطراب العوامل الحضارية والثقافية واضطراب التنشئة الاجتماعية في الأسرة وفي المدرسة وفي المجتمع ... إلخ .
ومن أهم الأسباب التي لها صلة وثيقة بالأمراض النفسية بشكل منفرد ، وإن كان الأمر كما ذكرنا أنها عادة غير منفصلة عن بعضها ، وقد تفعل فعلها بتداخلها مع بعضها البعض هي :
1 – مرحلة الطفولة :
إن للسنوات الأولى في حياة الإنسان أثر كبير في مستقبل حياته ، وخاصة التجارب والعوامل السلبية التي يمر بها . ومن هذه الظروف السلبية والتي قد تضر في نمو الإنسان طبيعة الحياة الأسرية المضطربة  وخاصة التي تنعدم فيها العاطفة والحنان ، أو التي تكبت الطفل فلا تتيح له مجالا للتعبير عن مشاعره ، أو عدم رضاه عن أمر من الأمور . فالبيئة الفقيرة سواء ماديا أو معنويا أو عاطفيا قد تؤثر في نمو بعض الأطفال ، بينما قد يوجد عند البعض الآخر عوامل ثانية معاوضة عن هذا الفقر بحيث لا تظهر عندهم في النهاية النتائج السلبية لهذا العوز في نموهم الاجتماعي والعاطفي .
ولم تقدم الدراسات في هذا الجانب حتى الآن دلائل على أن جوانب معينة في حياة الطفل تسبب مباشرة مرضا نفسيا محددا ، وإن كان هناك تخمينات كثيرة متعددة . وهذا هو أحد أسباب شعور الوالدين عادة بالذنب الشديد ، والذي قد لا مبرر له ، عندما يصاب أحد أولادها بمرض نفسي كالفصام مثلا . وهناك بعض الدلائل وإن كانت غير قطعية  بان وفاة والدة الطفل في هذه المرحلة المبكرة من حياته قد يكون لها أثر قي زيادة احتمال تعرض هذا الطفل للإصابة بالاكتئاب في قابل أيامه ومن الأمور التي تتعدد فيها الآراء بين الاختصاصيين هي لأي حد تعتبر تنشئة الطفل مسئولة عن إحداث الأمراض النفسية في المراحل المتقدمة من العمر . ومع ذلك يمكن أن نقول وبشيء من الثقة ، أن التطور العاطفي للطفل ، والأسلوب الذي تعلمه من ردود أفعاله تجاه ظروف الحياة لهما أثر كبير في صياغة طبيعة الاستجابة لديه تجاه الأزمات الشديدة في مستقبل حياته .
2- الشخصية :
إن التجارب المزاجية والعاطفية أثناء طفولة الإنسان لتؤثر كثيرا في صياغة شخصيته . وهذه الشخصية قد تؤثر بدورها في طريقة استقبال الأزمات ورؤيتها ، وطريقة الاستجابة والتكيف مع هذه الأزمات والصعاب . فبعض الناس على سبيل المثال معتادون على رؤية الأحداث وحتى الصغيرة منها على أنها أزمات كبيرة وكوارث ، أو إنهم يخفقون في مواجهة هذه الأحداث . بينما يتحلى البعض الآخر برباطة الجأش والقدرة المرتفعة على التكيف مع الأحداث والأزمات دون أن تحدث اضطرابا كبيرا في استقرارهم وحياتهم النفسية.
إن الذين يصابون بالأمراض النفسية كثيرا ما يعانون من اضطراب مسبق في الشخصية ، وقبل حدوث المرض النفسي ، وإن كانت هذه الصلة غير واضحة تماما . وهناك اعتقاد ان الشخصية السابقة لحدوث المرض لا تحدث المرض بحد ذاته ، وإنما تحدد شكل الإصابة ونوعيتها وشدتها إن حدثت . وهناك أشكال متعددة لاضطرابات الشخصية ، وعلى سبيل المثال هناك الشخصية القلقة ، والوسواسية ، والعاطفية المتقلبة ، والاكتئابية الحزينة ، والفصامية المنطوية . وليس بالضرورة عندما يصاب أصحاب الشخصية الوسواسية بمرض نفسي أن يكون هذا المرض هو "الوسواس القهري" بالذات ، وإنما قد يأخذ شكلا آخر ، بينما نجد أن أصحاب الشخصية العاطفية المتقلبة غالبا ما يتعرضون للإصابة بمرض " الاكتئاب " أو " الهوس الاكتئابي " . ففي هذه الشخصية العاطفية نجد أن الشخص دائم التقلب بين الحزن والفرح الشديدين وحتى لأقل سبب . وهذا لا يعني أن الشخصية العاطفية هي التي قد أحدثت مرض الهوس الاكتئابي ، فكل منهما يمكن أن يكون ناتجا عن عوامل أخرى مستقلة عن بعضها
3- الوراثة :
معناها الانتقال الحيوي ( البيولوجي ) من خلال المورثات   
 ( الجينات ) من الوالدين إلى الأولاد في لحظة الحمل . وأهم ما يتأثر بالوراثة التكوينات الجسمية مثل الطول والوزن ولون البشرة ولون الشعر ولون العينين والتكوينات العصبية ومعدل نشاط الغدد ......... إلخ .
إن معظم الناس يعلمون أن الأمراض العقلية غير :معدية" ، ولكن الاهتمام الأكبر هو في قضية أن ينتقل المرض للأولاد بالوراثة . وهذا الموضوع هو من الأمور الهامة في البحث الطبي خلال السنوات الماضية ن حيث وجد أن التأثير الوراثي أمر ثابت في بعض الأمراض النفسية كالفصام ، والهوس الاكتئابي ، وإن كانت طريقة تأثير الوراثة ما زالت غير واضحة تماما . ويبدو أن دور الوراثة أنها تهيؤ الشخص للإصابة بالمرض النفسي ، ولكن هذه الإصابة لا تحدث إلا بتدخل عوامل أخرى مباشرة تؤثر في هذا الإنسان المعرض وراثيا للإصابة . 
وكلما كانت الصلة العائلية أقرب للمصاب كلما زاد احتمال الإصابة ، فإمكانية إصابة أولاد المصاب أكبر من إمكانية إصابة أبناء عمه . ولكن يبقى احتمال إصابة الأولاد دون الإصابة الأكيدة بكثير ، أي ليس بالضرورة أن يصاب الأولاد ، وهذا دليل على أن الإصابة ليس مردها الوراثة فقط ، وإنما هناك أيضا مشاركة الابن لوالده ( أو والدته ) في البيئة والمعيشة . وقد جاء أن التوأمان المتماثلين والذين يشتركان في نفس نوعية العوامل الوراثية ، حتى لو أنهما عزلا عن بعضهما وعن أسرتهما ، وربيا في أسرتين مختلفتين منذ الأسابيع الأولى من حياتهما يبقى احتمال إصابة أحدهما احتمالا كبيرا إذا كان التوأم الآخر مصابا بمرض نفسي . وهذا من أقوى الدلائل على التأثير الوراثي .
وسيبقى تأثير الوراثة في الأمراض النفسية الخفيفة وفي اضطرابات الشخصية تأثيرا أقل وضوحا من غيره ، وإن كان لها بعض التأثير في بعض صفات شخصية الإنسان . فاحتمال إصابة أقرباء المصاب بالقلق مثلا احتمالا كبيرا بسبب المعايشة المشتركة أكثر من كونه تأثير العوامل الوراثية .
ويذكر الطبيب عادة كمثال على الأمراض التي تؤثر بها الوراثة بشدة مرض " رقص هنتغتن " وهو مرض عصبي نفسي ، حيث يصاب المريض باضطرابات عصبية وعضلية تظهر في حركات الجسم ، وكأن المريض يرقص ، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية المتعددة . وهذا المرض يصيب فقط من انتقل إليه الداء بالوراثة ، حيث يكون احتمال ظهور الإصابة بعد انتقال الجينات أو العوامل الوراثية من أحد الوالدين احتمالا كبيرا يصل إلى الخمسين في المئة .
4- عناصر الدماغ الكيماوية :
تحاول الكثير من الأبحاث الطبية النفسية أن تركز على فهم هذا الجانب من أسباب الأمراض النفسية . ومن المعروف أن الجملة العصبية والدماغ خاصة يعمل من خلال مواد كيماوية تصنع داخل الخلايا ، وتمر عبر هذه الخلايا لتنقل الأثر من خلية لأخرى مجاورة . وتسمى هذه المواد الكيماوية النواقل العصبية .
تطلق الخلية العصبية بعض هذه النواقل العصبية لتذهب وتؤثر بدورها على مستقبلات كيماوية خاصة متواجدة على سح الخلية العصبية المجاورة ، و بذلك تنتقل " الأوامر " العصبية عبر الجملة العصبية .
وغير معروف بدقة عدد هذه النواقل إلا أن هناك العشرات منها . وكل واحد له دوره وتأثيره الخاص المثير أو المهدئ للخلية العصبية . وتؤثر هذه النواقل في بعضها البعض ، إما معدلة أو مثيرة ، بحيث يكون الأثر النهائي عبارة عن مجموع ومحصلة تدخل عدد من هذه النواقل العصبية .
ولهذه النواقل دور كبير في وظيفة العواطف والمشاعر والتفكير والنوم والحركة والشهية للطعام والرغبة الجنسية ، وغيرها من الأنشطة والفعاليات . ويعتقد أن خللا في بعض وظائف هذه النواقل يتدخل مباشرة في إحداث بعض الأمراض النفسية ، فالزيادة أو النقصان في كمية هذه النواقل ، أو بشكل أدق اضطراب التوازن بين بعض النواقل يؤثر بشكل مباشر في الحالة العقلية والنفسية للإنسان .
وكثير من الأدوية التي تستعمل في معالجة الأمراض النفسية تفيد علاجا عن طريق التأثير في النواقل العصبية هذه ، مفعلة أو معطلة لها ، وبذلك تعدل الحالة النفسية للمريض . ومازال هذا الجانب من الطب النفسي يتوقع الاكتشافات الكثيرة خلال السنوات القادمة .
5 – الصحة الجسدية :
إن لحالة الجسم الصحية وللكثير من الأمراض العضوية تأثير كبير على الصحة النفسية للإنسان ، فالهذيان مثلا وهو اضطراب عقلي يؤثر بشدة على معظم الوظائف العقلية والنفسية ، وهو ينتج عادة عن تعرض الدماغ للأذى المباشر بسبب بعض الأمراض ومنها رضوض الرأس الشديدة ، والنزف الدماغي ، والأورام الدماغية العصبية ، والتهابات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق