الصفحات

الجمعة، 7 سبتمبر 2018

جاسوس سمير وليم باسيلي (3)

أشهر قليلة
 واستطاع أن يقيم شبكة واسعة من العلاقات
 خاصة مع بعض موظفي مصر للطيران وبعض المضيفين والمضيفات...
 ويعود إلى مسكنه في المساء ليكتب تقريره اليومي المفصل
 الذي يتسلمه منه مندوب من الموساد كل صباح, ويقبض آلاف الماركات مكافأة له.
وبعد أن استقرت أموره المالية كثيراً عرف أبوه طريقه, فزاره في ميونيخ عدة مرات زاعماً أن المشاكل الاقتصادية في مصر تضخمت
 وأنه يطلب مساعدته في الإنفاق على أسرته.
كان سمير يتلذذ كثيراً بتوسلات والده. بل يرسل في طلبه خصيصاً ليستمع إلى كلمات الرجاء تتردد على لسانه, وليرى نظرات التودد تملأ وجهه. 
وتضخم الإحساس بالشماتة عند الابن تجاه أبيه حتى وصل إلى درجة الانتقام, وكان الانتقام بشعاً ويفوق كثيراً حجم الترسبات التي قبعت برأس الابن تجاه أبيه.
لقد دبر سمير كميناً محكماً لأبيه أوقعه في شراكه عندما صحبه إلى مكتب هانز مولار ضابط المخابرات الإسرائيلية في ميونيخ
 والذي يبدو في ظاهره مكتباً للمقاولات.
ولأن وليم فريد باسيلي يعشق النقود
 أوضح له هانز أنه سبب الرفاهية التي يعيش فيها ابنه سمير.
 وأنه على استعداد أيضاً لبدء علاقة عمل بينهما وتأسيس شركة تجارية كبرى في القاهرة تدر عليهما ربحاً وفيراً, عندها . 
تخيل وليم شركته الجديدة والأموال التي ستغدق عليه, تخيل أيضاً مقعده الوثير ومكتبه الفخم وسكرتيرته الجميلة وسيارته الحديثة
وسافر بخياله يجوب شوارع القاهرة يختار موقع المكتب.
 فأيقظه هانز قائلاً إنه بحاجة إلى معلومات اقتصادية عن السوق المصرية, يستطيع من خلالها أن يحدد خطوطاً عريضة لنشاط الشركة. 
ولبى وليم الدعوة وجلس عدة ساعات يكتب تقريراً مفصلاً عن احتياجات السوق، وأحوال الاقتصاد في مصر.
دهش هانز لدقة المعلومات التي سردها وليم ومنحه فوراً 1000 مارك، ووعده بمبلغ أكبر مقابل كل تقرير يرسله من القاهرة.
نشط الجاسوس الجديد في كتابة التقارير وإرسالها إلى ألمانيا. 
وفي الزيارة التالية 
لميونيخ فوجئ وليم بثورة هانز بسبب سطحية تقاريره المرسلة إليه. 
وقال له إن المكتب الرئيسي على استعداد لدفع خمسة آلاف مارك للتقارير المهمة وأنه على استعداد لتدريبه على كيفية جمع المعلومات وكتابتها بعد تصنيفها.
 وعندما سأله وليم عن المكتب الرئيسي أجابه بأنه في تل أبيب
 وهو مكتب مختص بالشؤون الاقتصادية في دول العالم الثالث. 
ارتبك وليم فناوله هانز خمسة آلاف مارك في مظروف مغلق قائلاً إنه هدية من إسرائيل من أجل التعاون المخلص. 
أما التقارير فلها مقابل أيضاً, وتسلم وليم خمسة آلاف أخرى فانكمش في مقعهده بعدما أدرك حقيقة موقفه ووضعه.
طمأنه هانز بأن علاقتهما لن تكشفها المخابرات المصرية، لأن هذه التقارير ليست مادة سرية فهي موجودة في الصحف القاهرية. 
وشيئاً فشيئاً, تطورت العلاقة بين هانز ووليم، تحددت بدورات تدريبية خاضها الأب على يد ضباط فنيين، وانتفخت جيوبه بآلاف من الماركات بعدما كثرت تقاريره التي كان يجيد كتابتها بعد تحليلها
 وتعمده مصادقة ضباط القوات المسلحة والعسكريين المسرحين من المحيطين به.
وفي كل زيارة لميونيخ كان هانز يحذره من قراءة قضايا التجسس في الصحف المصرية حتى لا يرتبك ويقع في قبضة المخابرات المصرية التي لا ترحم الخونة. وطمأنه على أسلوب عملهم الذي لا تستطيع المخابرات العربية كشفه. 
وحتى وإن حدث, فهم سيتولون رعاية أبنائه والإنفاق عليهم من بعده ".
أما الابن سمير فقد اتسعت دائرة نشاطه في التعرف على المصريين الوافدين وتصيد الأخبار منهم من خلال الدردشة العادية, وهؤلاء الذين فشلوا في الحصول على عمل. وشرع بالفعل في تجنيد ثلاثة من المصريين. 
لكنهم استطاعوا الرجوع إلى مصر وأخبروا جهاز المخابرات المصرية بتصرفات سمير
ودوره في محاولات الإيقاع بهم لصالح المخابرات الإسرائيلية.
لقد جاءت البلاغات الثلاثة في فترة قصيرة ومن أشخاص لا يعرفون بعضهم، وكانت خطة المخابرات المصرية لاصطياد سمير وأبيه محسوبة بدقة بالغة وإحكام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق