الأحد، 29 أبريل 2018

المسجد النبوى في عهد العثمانيين




السلطان عبد المجيد الأول، صاحب أكبر وأشمل توسعة للمسجد النبوي في عهد الدولة العثمانية
تولّى الحكّام العثمانيون أمر المسجد النبوي بعد نهاية الدولة المملوكية سنة 923 هـ الموافق 1517، فأولوها عناية فائقة واهتماماً كبيراً، فحافظوا في البداية على العمارة المملوكية للمسجد النبوي وتعهدوها بالإصلاح والترميم كلما دعت الحاجة إلى ذلك. وكان أول من قام بإصلاحات في المسجد النبوي السلطان سليمان القانوني، ففي عام 946 هـ استُبدلت الأهلّة المملوكية التي تعلو القبة الخضراء ومآذن المسجد أهلة من النحاس المطلي بالذهب، فوضع أحدها على القبة وهلال على المنبر وخمسة أهلة لكل منارة هلال. وفي سنة 947 هـ الموافق 1540 قام بالإصلاحات الكبرى في عهده، حيث تناولت هذه العمارة باب الرحمة، وباب النساء، وهدمت المئذنة الشمالية الشرقية (السنجارية) وأقيمت مكانها المئذنة السليمانية
 وكان عمق أساسها 8.53 متراً، وعرض الأساس 4.59 متراً. وكان السلطان قد أرسل كل ما تحتاجه العمارة من مواد البناء محمولة على الجمال والدواب، وكذلك أرسل الأيدي العاملة من حجارين وبنائين ونحاتين، وزودهم بما يحتاجونه من نفقات مادية وعينية. وفي 17 محرم عام 948 هـ الموافق 13 مايو 1541 أعادوا إعمار "المحراب الحنفي". وفي عام 974 هـ الموافق 1566 جرت عدة إصلاحات وترميمات في المسجد النبوي كان أهمها إعادة بناء الجدار الغربي من باب الرحمة بأكمله لسقوط معظمه،
وترخيم الروضة الشريفة، وعملت وزرة على الحجرة النبوية وأصلح رصاص القبة على القبر النبوي. كما تم استبدال السقوف في الجانب الغربي من المسجد النبوي بعدد من القباب الصغيرة، كما أعيد في سنة 974 هـ تجديد بناء قبة الصحن المبنية سنة 576 هـ.
وفي عهد السلطان عبد المجيد الأول قام بالبدء بأكبر عمارة وتوسعة للمسجد في العهد العثماني، وذلك في عام 1265 هـ الموافق 1849 وانتهت في سنة 1277 هـ الموافق 1860، واستمرت العمارة نحو 13 سنة.
وكانت هذه العمارة من أضخم وأتقن وأجمل العمارات والتوسعات التي تمّت للمسجد النبوي من قبل، وقد بقي منها بعد العمارة السعودية الحديثة الجزء القبلي (الجنوبي)، ويبدو هذا الجزء حتى الآن قوياً متماسكاً، وقد غُطي سقف المسجد كاملاً بالقباب المكسوة بألواح الرصاص،
 بلغ عددها 170 قبة، أعلاها القبة الخضراء، ثم قبة المحراب العثماني، ثم قبة باب السلام، وباقي القباب على ارتفاع متقارب، ولبعضها نوافذ مغطاة بالزجاج الملون، وزُيّنت بطون القباب بصور طبيعية ونقوش، وكتابات قرآنية وشعرية.
 كما كُتبت في جدار المسجد القبلي (الجنوبي) سور من القرآن وأسماء النبي محمد، وغير ذلك بخط الثلث العربي، وذُهّبت الحروف بالذهب، وبُنيت أبوابه بشكل فنّي، وأبواب القسم الجنوبي الباقية حتى الآن هي: باب جبريل، وباب الرحمة، وباب السلام، أما الأبواب الشمالية فقد هُدمت.
 وقد بلغ مقدار تكلفة هذه العمارة 140 كيساً من الذهب، وكل كيس كناية عن 5 ذهبات مجيدية. وقد زاد السلطان عبد المجيد في المسجد الكتاتيب لتعليم القرآن، والمستودعات في الجهة الشمالية، كما زاد في الشرق نحو 2.6 متراً من المأذنة الرئيسية (الجنوبية الشرقية) إلى ما يلي باب جبريل، وبلغت مساحة التوسعة الكلية 1293 متراً مربعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق