السبت، 28 أبريل 2018

هجرة الكواكب 1

من السمات المرئية المألوفة للنظام الشمسي أن كل كوكب يسير حول الشمس في مداره (فلكه) المحدد تماما، بحيث يحافظ على مسافات مقننة تفصله عن جيرانه. وقد حافظت الكواكب على دورانها السماوي هذا منذ أن بدأ الفلكيون بتسجيل حركاتها، كما أن النماذج الرياضياتية تبين أن هذا التشكيل المستقر تماما لمدارات هذه الكواكب ظل موجودا طوال كامل تاريخ النظام الشمسي الذي يقدّر طوله بنحو 4.5 بليون سنة.
ومن ثم فمن الطبيعي الافتراض أن الكواكب «وُلِدَتْ» في المدارات التي نرصدها الآن فيها.
ومما لا شك فيه أن هذه هي أبسط الفرضيات. وقد قبل الفلكيون المعاصرون عموما أن المسافات المرصودة التي تفصل الكواكب عن الشمس تحدد أماكن ولادتها في السديم الشمسي، وهو القرص البدائي من الغاز والغبار الذي نتج النظام الشمسي منه.
وقد وفرت أنصاف أقطار مدارات الكواكب الوسيلة لاستنتاج توزع الكتل داخل السديم الشمسي. واستنادا إلى هذه المعلومات الأساسية، استخلص العلماء النظريون وجود قيود على طبيعة تكوّن الكواكب وعلى المُدَد التي استغرقتها في تكوّنها.
ومن ثَمّ فإن قدْرا كبيرا من فهمنا لبواكير تاريخ النظام الشمسي يُبْنى على الفرضية التي مفادها أن الكواكب تكوّنت أصلا في مداراتها الحالية.
بيد أنه من المقبول على نطاق واسع أن كثيرا من الأجسام الأصغر حجما في النظام الشمسي ـ النجميات والمذنبات وأقمار (توابع) الكواكب ـ غيّرت مداراتها خلال الأربعة بلايين سنة ونصف البليون السابقة، وأن هذه التغيرات كانت، في بعض الحالات، أكثر إثارة مما هي في حالات أخرى.
وهلاك مذنب شوميكر-ليڤي 9 Shoemaker-Levy إثر صدمه لكوكب المشتري عام 1994 يمثل دليلا ساطعا على الطبيعة الدينامية (التحريكية) لبعض أجسام النظام الشمسي.
 بل إن ثمة أجساما أصغر ـ تقدّر أقطارها بالمكرونات والمليمترات، كالجسيمات بين الكوكبية التي تنفصل عن المذنبات والنجميات ـ تخضع لتغيرات مدارية تدريجية، إذ تتحرك حركة لولبية سلسة نحو الشمس ثم تستقر على بعض الكواكب التي تصادفها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق