تعريف المطاوعة واصطلاحاً
أوَّلُ من ذكر مفهوم المطاوعة هو سيبويه في قوله:
«هذا باب ما طاوع الذي فعله فعل، وهو يكون على انفعل وافتعل»
ثُمََّ أشار بعد ذلك إلى أوزان الفعل الدالة على هذا المفهوم التي ظل يرددها من جاء بعده من النحويين بشيء من التفصيل.
ومن الملاحظ أن سيبويه لم يستعمل مصطلح المُطَاوَعَة ولم يقدّم لها تعريفاً، ولكنه استعمل الفعل طَاوَعَ، ومن اشتقّ هذا المصطلح فيما بعد.
وأما المبرد فقد ذكر مصطلح المُطَاوَعَة وعرّفه بقوله:
«وهو أن يروم الفاعل فيبلغ منه حاجته»
نحو: كسرت الإناء فانكسر، ويشرحه في موضع آخر فيقول:
«أي أردت كسره فبلغت منه إرادتي»
وبوّب لها باباً فقال:
«هذا باب أفعال المطاوعة… ومنها ما يكون متعدّياً وغير متعدٍ نحو: أخرجته فخرج، وأدخلته الدار فدخلها
وسمّاها أيضاً الانفعال، والانفعال مصدر الفعل اِنفَعَلَ وهو صيغة من صيغ المطاوعة. ويعرّفها ابن جني بشكل أوضح في شرحه لتصريف المازني بقوله:
« وهي أن تريد من الشيء أمراً فتبلغه، إمّا بأن يفعل ما تريده إذا كان مما يصحّ منه الفعل، وإمّا أن يصير إلى مثل حال الفاعل الذي يصح منه الفعل إذا كان مما لا يصح منه الفعل »
فالمطاوعة عنده هي قبول الأثر، ويفرق ابن جني في هذا التعريف بين ما يمكن أن يصدر منه فعل حقيقي تصح نسبته إليه كالبشر مثل: باعدت زيداً فتباعد، وصرفته فانصرف، فـ «زيد» هو الذي فعل التباعد والانصراف بنفسه عند إرادتك إياها منه، لأنه قادر على الانصراف والتباعد حقيقة، وما لا يمكن أن يصدر منه فعل مثل: قطعت الحبل فانقطع، وكسرت الزجاج فانكسر، فإن الحبل والزجاج لا يصح منهما الفعل، لأنه لا قدرة لهما، ولكن عومل الفعل هنا معاملة ما يصح منه الفعل.
ويُصْبِحُ المصطلح أكثر دقة عند أبي سعيد الحسن السيرافي، فالمطاوعة هي:
«أن المفعول به لم يمتنع مما رامه الفاعل، ألا ترى أنك تقول فيما امتنع مما رامه: دفعته فلم يندفع…»
فالمطاوعة عنده هي قبول الأثر، ثم يشير إلى مسألة مهمة وهي أن التأثير في الأصل وقع على المفعول به، فإن وافق الفعل فهي المطاوعة وإن امتنع فلا تحصل المطاوعة، وهذه أول إشارة إلى لزوم المطاوعة وتخلفها عن الوقوع. وعرّفها الصيمري
وابن سيده
بتعريف السيرافي السابق وهي عندهم قبول الأثر، وليس التعدي كما فهم ذلك خليل إبراهيم العطية؛ إذ علق على التعريف بقوله:
«أما ابن سيدة فقد قصر تعريفه للمطاوعة على التعدي»
أما ابن الحاجب — وتبعه الشريف الجرجاني وأبو البقاء الكفوي – فقد عرّفها بقوله:
«هي حصول الأثر عن تعلق الفعل المتعدي بمفعوله نحو: كسرت الإناء فانكسر»
ويزداد المُصطلح اتساعاً ودِقَّة عند الرضي الاستراباذي وهو عنده يعني:
«التأثير وقبول الأثر، سواء كان التأثير متعدياً نحو: علمته الفقه فتعلمه – فالتعليم تأثير والتعلم تأثر وقبول لذلك الأثر وهو متعد كما ترى – أم كان لازماً نحو: كسرته فانكسر أي تأثر بالكسر.. فالمطاوع حقيقة هو المفعول به الذي صار فاعلاً نحو: باعدت زيداً فتباعد، المطاوع هو زيد، لكنهم سموا فعله المسند إليه مطاوعاً مجازا»
فالمطاوعة عنده هي قبول الأثر وهذا الأثر وقع على المفعول به أولاً، ثم قبله فأصبح فاعلاً، فالمطاوع هو زيد أو الفاعل؛ لأنه هو الذي قبل الفعل أو الأثر، ثم أشار إلى مسألة دقيقة وهي تسميتهم للفعل الذي أسند إلى الفاعل المتأثر بالفعل المطاوع مجازاً وهي تشير إلى فهم الرضي للمطاوعة وكيفية حصولها.
وعرفها ابن هشام بقوله:
«وهي أن يدل أحد الفعلين على تأثير ويدل الآخر على قبول فاعله لذلك التأثير»
ولا زيادة في هذا التعريف عن التعاريف السابقة. ونجد الشيخ سعد الدين التفتازاني يذكر تعريفاً للمطاوعة يبدو بعيداً عن مفهومها الشائع للوهلة الأولى إذ يقول:
«وقيل هي عبارة عن لزوم فعل لفعل آخر بحيث إذا وقع الأول وقع الثاني»
لأن التعريف فيه إشارة إلى ارتباط الفعل المطاوع بالفعل المطاوع، أي: أن الثاني مسبب عن الأول، ولأن هذا التعريق خلا من مفهوم التأثير والتأثير الذي يميز المطاوعة من غيرها. ثم يلحظ أن المصطلح يضيق عند محمد علي الصبان ومحمد بن عرفة الدسوقي – وتبعهما مصطفى الغلاييني، ومحمد سمير اللبدي – فكل منهما يورد تعريف ابن هشام للمطاوعة، ثم يضيف شرطاً وهو التوافق في الصيغة، لذلك خرج نحو: ضربته فتألم، لأنه وإن صدق عليه ما قال فليس موافقاً في الاشتقاق وهذا يخالف مفهوم سيبويه والمبرد للمطاوعة، قال سيبويه:
«وربما استغنى عن الفعل في هذا الباب – أي باب المطاوعة – فلم يستعمل، وذلك قولهم: طردته فذهب ولا يقولون: فانطرد ولا فاطرد، يعني أنهم استغنوا عن لفظه بلفظ غيره إذ كان في معناه»
واشترط سيبويه موافقة الفعل المطاوِع للمطاوَع في المعنى نحو: طردته فذهب، فمعنى ذهب أي: انطرد، ولو قيل: طردته فضحك، أو فرفض فإنه غير مطاوع؛ لأنه ليس فيه الموافقة للفعل الأول.
وكذلك أشار المبرد إلى ذلك حيث يقول:
«فإنما أفعلته داخلة على (فعل) تقول: عطى يعطو إذا تناول، وأعطيته أنا … وكذلك إن كان من غير هذا اللفظ نحو: أعطيته فأخذه ن إنما أخذ في معنى عطا أي: تناول»
ولم يشترطا التوافق في الصيغة كما هو واضع في كلامهما. ويضيق المصطلح أكثر عند محمد الخضري لأنه يضيف شرطاً ثانياً مع الشرط السابق وهو العلاج الحسي، فيقول:
«المطاوعة هي قبول الأثر أي: حصوله من فاعل فعل ذي علاج محسوس إلى فاعل فعل يلاقيه اشتقاقاً، فإنّ حصول الأثر بلا ملاقاة ليس مطاوعاً كضربته فتألم، وخرج بالمحسوس من غير فلا يقال علمته المسألة فانعلمت … لعدم العلاج بالمحسوس»
واختار هذا التعريف عباس حسن حيث يقول عقب ذكره:
«وهو أوضح التعاريف وأشملها»
فأما شرط التوافق فقد ذكر، وأما شرط العلاج الحسي فإن هذا الشرط اشترطه النحويون في صيغة (انفعل) فقط، فكيف يعمم شرطاً على كل الصيغ؟ وماذا يقول في قولنا: أفهمته ففهم، وأنسيته فنسي وهي ليست أفعالاً حسية؟ وأما فخر الدين قباوة – وهو من الباحثين المعاصرين – فعرفها بقوله:
«وهي عكس التعدية أي: تفقد قدرتها على نصب المفعول به فيجعل المتعدي لازماً»
وليست المطاوعة عكس التعدية دائماً، فقد تنصب المفعول به إذا كان الفعل الأول (المطاوَع) متعدياً إلى مفعولين وقد خلا التعريف من أمر التأثر والتأثير، فالتعريف يكاد يكون بعيداً عن مفهوم المطاوعة.
ومن خلال استقراء تعاريف المطاوعة يظهر أن مصطلح المطاوعة قد مرّ بمراحل متعددة هي:
1- المرحلة الأول: مرحلة الإشارة إليه دون التصريح به فضلا عن تعريفه، ويمثلها سيبويه.
2- المرحلة الثانية: مرحلة ذكره ووضع حدِّ له، ويمثلها المُبَرِّد.
3-المرحلة الثالثة: مرحلة نضج التعريف ودقته، وأبرز من يمثلها السيرافي وابن جنّي.
4- المرحلة الرابعة: مرحلة ذكر عناصر التعريف بصورة أدق مما سبق، ويمثلها الرضي.
5- المرحلة الخامسة: مرحلة النقل لتعريفات السابقين، ويمثلها ابن هشام.
6- المرحلة السادسة: مرحلة تضييق المصلح فقد أضيف إليه شرطاً التوافق في الصيغة والعلاج الحسي، ويمثلها الدسوقي والخضري، ومن المعاصرين عباس حسن، وفخر الدين قباوة.
ومن خلال استقراء التعاريف السابقة يظهر أن أدق التعاريف وأشملها لمصطلح المطاوعة هو تعريف الرضي حيث ذكر عملية التأثر والتأثير شارحاً كيفية حصول المطاوعة:
وهي وقوع التأثير على المفعول به أولاً، فإن قبل ووافق أصبح فاعلاً في الجملة الثانية وحصلت المطاوعة، ويشير أيضاً إلى أن المطاوع هو فاعل الفعل الثاني وأن النحاة سموا فعله مطاوعاً مجازا، غير أن التعريف ليس جامعاً مانعاً ولهذا اشترط بعض النحويين كما مر شروطاً ضيقوا المصطلح أو المفهوم كالدسوقي والخضري،
أوَّلُ من ذكر مفهوم المطاوعة هو سيبويه في قوله:
«هذا باب ما طاوع الذي فعله فعل، وهو يكون على انفعل وافتعل»
ثُمََّ أشار بعد ذلك إلى أوزان الفعل الدالة على هذا المفهوم التي ظل يرددها من جاء بعده من النحويين بشيء من التفصيل.
ومن الملاحظ أن سيبويه لم يستعمل مصطلح المُطَاوَعَة ولم يقدّم لها تعريفاً، ولكنه استعمل الفعل طَاوَعَ، ومن اشتقّ هذا المصطلح فيما بعد.
وأما المبرد فقد ذكر مصطلح المُطَاوَعَة وعرّفه بقوله:
«وهو أن يروم الفاعل فيبلغ منه حاجته»
نحو: كسرت الإناء فانكسر، ويشرحه في موضع آخر فيقول:
«أي أردت كسره فبلغت منه إرادتي»
وبوّب لها باباً فقال:
«هذا باب أفعال المطاوعة… ومنها ما يكون متعدّياً وغير متعدٍ نحو: أخرجته فخرج، وأدخلته الدار فدخلها
وسمّاها أيضاً الانفعال، والانفعال مصدر الفعل اِنفَعَلَ وهو صيغة من صيغ المطاوعة. ويعرّفها ابن جني بشكل أوضح في شرحه لتصريف المازني بقوله:
« وهي أن تريد من الشيء أمراً فتبلغه، إمّا بأن يفعل ما تريده إذا كان مما يصحّ منه الفعل، وإمّا أن يصير إلى مثل حال الفاعل الذي يصح منه الفعل إذا كان مما لا يصح منه الفعل »
فالمطاوعة عنده هي قبول الأثر، ويفرق ابن جني في هذا التعريف بين ما يمكن أن يصدر منه فعل حقيقي تصح نسبته إليه كالبشر مثل: باعدت زيداً فتباعد، وصرفته فانصرف، فـ «زيد» هو الذي فعل التباعد والانصراف بنفسه عند إرادتك إياها منه، لأنه قادر على الانصراف والتباعد حقيقة، وما لا يمكن أن يصدر منه فعل مثل: قطعت الحبل فانقطع، وكسرت الزجاج فانكسر، فإن الحبل والزجاج لا يصح منهما الفعل، لأنه لا قدرة لهما، ولكن عومل الفعل هنا معاملة ما يصح منه الفعل.
ويُصْبِحُ المصطلح أكثر دقة عند أبي سعيد الحسن السيرافي، فالمطاوعة هي:
«أن المفعول به لم يمتنع مما رامه الفاعل، ألا ترى أنك تقول فيما امتنع مما رامه: دفعته فلم يندفع…»
فالمطاوعة عنده هي قبول الأثر، ثم يشير إلى مسألة مهمة وهي أن التأثير في الأصل وقع على المفعول به، فإن وافق الفعل فهي المطاوعة وإن امتنع فلا تحصل المطاوعة، وهذه أول إشارة إلى لزوم المطاوعة وتخلفها عن الوقوع. وعرّفها الصيمري
وابن سيده
بتعريف السيرافي السابق وهي عندهم قبول الأثر، وليس التعدي كما فهم ذلك خليل إبراهيم العطية؛ إذ علق على التعريف بقوله:
«أما ابن سيدة فقد قصر تعريفه للمطاوعة على التعدي»
أما ابن الحاجب — وتبعه الشريف الجرجاني وأبو البقاء الكفوي – فقد عرّفها بقوله:
«هي حصول الأثر عن تعلق الفعل المتعدي بمفعوله نحو: كسرت الإناء فانكسر»
ويزداد المُصطلح اتساعاً ودِقَّة عند الرضي الاستراباذي وهو عنده يعني:
«التأثير وقبول الأثر، سواء كان التأثير متعدياً نحو: علمته الفقه فتعلمه – فالتعليم تأثير والتعلم تأثر وقبول لذلك الأثر وهو متعد كما ترى – أم كان لازماً نحو: كسرته فانكسر أي تأثر بالكسر.. فالمطاوع حقيقة هو المفعول به الذي صار فاعلاً نحو: باعدت زيداً فتباعد، المطاوع هو زيد، لكنهم سموا فعله المسند إليه مطاوعاً مجازا»
فالمطاوعة عنده هي قبول الأثر وهذا الأثر وقع على المفعول به أولاً، ثم قبله فأصبح فاعلاً، فالمطاوع هو زيد أو الفاعل؛ لأنه هو الذي قبل الفعل أو الأثر، ثم أشار إلى مسألة دقيقة وهي تسميتهم للفعل الذي أسند إلى الفاعل المتأثر بالفعل المطاوع مجازاً وهي تشير إلى فهم الرضي للمطاوعة وكيفية حصولها.
وعرفها ابن هشام بقوله:
«وهي أن يدل أحد الفعلين على تأثير ويدل الآخر على قبول فاعله لذلك التأثير»
ولا زيادة في هذا التعريف عن التعاريف السابقة. ونجد الشيخ سعد الدين التفتازاني يذكر تعريفاً للمطاوعة يبدو بعيداً عن مفهومها الشائع للوهلة الأولى إذ يقول:
«وقيل هي عبارة عن لزوم فعل لفعل آخر بحيث إذا وقع الأول وقع الثاني»
لأن التعريف فيه إشارة إلى ارتباط الفعل المطاوع بالفعل المطاوع، أي: أن الثاني مسبب عن الأول، ولأن هذا التعريق خلا من مفهوم التأثير والتأثير الذي يميز المطاوعة من غيرها. ثم يلحظ أن المصطلح يضيق عند محمد علي الصبان ومحمد بن عرفة الدسوقي – وتبعهما مصطفى الغلاييني، ومحمد سمير اللبدي – فكل منهما يورد تعريف ابن هشام للمطاوعة، ثم يضيف شرطاً وهو التوافق في الصيغة، لذلك خرج نحو: ضربته فتألم، لأنه وإن صدق عليه ما قال فليس موافقاً في الاشتقاق وهذا يخالف مفهوم سيبويه والمبرد للمطاوعة، قال سيبويه:
«وربما استغنى عن الفعل في هذا الباب – أي باب المطاوعة – فلم يستعمل، وذلك قولهم: طردته فذهب ولا يقولون: فانطرد ولا فاطرد، يعني أنهم استغنوا عن لفظه بلفظ غيره إذ كان في معناه»
واشترط سيبويه موافقة الفعل المطاوِع للمطاوَع في المعنى نحو: طردته فذهب، فمعنى ذهب أي: انطرد، ولو قيل: طردته فضحك، أو فرفض فإنه غير مطاوع؛ لأنه ليس فيه الموافقة للفعل الأول.
وكذلك أشار المبرد إلى ذلك حيث يقول:
«فإنما أفعلته داخلة على (فعل) تقول: عطى يعطو إذا تناول، وأعطيته أنا … وكذلك إن كان من غير هذا اللفظ نحو: أعطيته فأخذه ن إنما أخذ في معنى عطا أي: تناول»
ولم يشترطا التوافق في الصيغة كما هو واضع في كلامهما. ويضيق المصطلح أكثر عند محمد الخضري لأنه يضيف شرطاً ثانياً مع الشرط السابق وهو العلاج الحسي، فيقول:
«المطاوعة هي قبول الأثر أي: حصوله من فاعل فعل ذي علاج محسوس إلى فاعل فعل يلاقيه اشتقاقاً، فإنّ حصول الأثر بلا ملاقاة ليس مطاوعاً كضربته فتألم، وخرج بالمحسوس من غير فلا يقال علمته المسألة فانعلمت … لعدم العلاج بالمحسوس»
واختار هذا التعريف عباس حسن حيث يقول عقب ذكره:
«وهو أوضح التعاريف وأشملها»
فأما شرط التوافق فقد ذكر، وأما شرط العلاج الحسي فإن هذا الشرط اشترطه النحويون في صيغة (انفعل) فقط، فكيف يعمم شرطاً على كل الصيغ؟ وماذا يقول في قولنا: أفهمته ففهم، وأنسيته فنسي وهي ليست أفعالاً حسية؟ وأما فخر الدين قباوة – وهو من الباحثين المعاصرين – فعرفها بقوله:
«وهي عكس التعدية أي: تفقد قدرتها على نصب المفعول به فيجعل المتعدي لازماً»
وليست المطاوعة عكس التعدية دائماً، فقد تنصب المفعول به إذا كان الفعل الأول (المطاوَع) متعدياً إلى مفعولين وقد خلا التعريف من أمر التأثر والتأثير، فالتعريف يكاد يكون بعيداً عن مفهوم المطاوعة.
ومن خلال استقراء تعاريف المطاوعة يظهر أن مصطلح المطاوعة قد مرّ بمراحل متعددة هي:
1- المرحلة الأول: مرحلة الإشارة إليه دون التصريح به فضلا عن تعريفه، ويمثلها سيبويه.
2- المرحلة الثانية: مرحلة ذكره ووضع حدِّ له، ويمثلها المُبَرِّد.
3-المرحلة الثالثة: مرحلة نضج التعريف ودقته، وأبرز من يمثلها السيرافي وابن جنّي.
4- المرحلة الرابعة: مرحلة ذكر عناصر التعريف بصورة أدق مما سبق، ويمثلها الرضي.
5- المرحلة الخامسة: مرحلة النقل لتعريفات السابقين، ويمثلها ابن هشام.
6- المرحلة السادسة: مرحلة تضييق المصلح فقد أضيف إليه شرطاً التوافق في الصيغة والعلاج الحسي، ويمثلها الدسوقي والخضري، ومن المعاصرين عباس حسن، وفخر الدين قباوة.
ومن خلال استقراء التعاريف السابقة يظهر أن أدق التعاريف وأشملها لمصطلح المطاوعة هو تعريف الرضي حيث ذكر عملية التأثر والتأثير شارحاً كيفية حصول المطاوعة:
وهي وقوع التأثير على المفعول به أولاً، فإن قبل ووافق أصبح فاعلاً في الجملة الثانية وحصلت المطاوعة، ويشير أيضاً إلى أن المطاوع هو فاعل الفعل الثاني وأن النحاة سموا فعله مطاوعاً مجازا، غير أن التعريف ليس جامعاً مانعاً ولهذا اشترط بعض النحويين كما مر شروطاً ضيقوا المصطلح أو المفهوم كالدسوقي والخضري،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق