الأحد، 20 مايو 2018

أسباب الأمراض النفسية والعقلية-1




ومن المبادئ الرئيسية في أسباب الأمراض النفسية والعقلية مبدأ تفاعل الأسباب .
فمن النادر أن نضع أيدينا على سبب واحد ، كالوراثة أو صدمة ونقول أنه السبب الوحيد لمرض نفسي بعينة أو مرض عقلي بعينه ، بل تتعدد الأسباب إلى الحد الذي قد يصعب فيه الفصل بينها أو تحديد مدى أثر كل منها .
 فالحياة النفسية ليست من البساطة بحيث يكون اضطرابها رهنا بسبب واحد .
وتتلخص أسباب الأمراض النفسية والعقلية في نتيجة تفاعل قوى كثيرة ومتعددة ومعقدة ، داخلية في الإنسان ( جسمية ونفسية ) ، وخارجية في البيئة ( مادية واجتماعية ) .
لعل السؤال الأول الذي يخطر في ذهن الإنسان الذي يصاب بمرض نفسي ، هو لماذا حدث هذا المرض ؟ أي لماذا هذا المرض بالذات ؟ وفي هذا الوقت بالذات ؟ ولهذا الإنسان بعينه ؟
والإجابة عن هذا السؤال ستكون في الحقيقة لا نعرف بدقة كل الأسباب المحدثة للمرض النفسي ، ولنفس السبب هذا ، فإننا لا نستطيع عادة التوقع الأكيد في احتمال إصابة إنسان بمرض نفسي .
إن الشيء المتفق عليه أن هناك عدة عوامل تتدخل عادة في إحداث المرض النفسي ، وأن كل واحد من هذه العوامل بمفرده لا يسبب المرض هذا ، ولكن تضافر هذه العوامل مجتمعة هو الذي يحدث خلل التوازن ، ويسبب المرض النفسي . ويعتقد أيضا أن نفس الاضطراب النفسي أو السلوكي قد يحدث وبسبب عوامل أخرى متنوعة من شخص لآخر .
وتنقسم أسباب الأمراض النفسية والعقلية إلى :
الأسباب المهيئة ( الأصلية ) :
وهي التي تمهد لحدوث المرض ، وتجعل الفرد عرضه لظهور المرض النفسي أو العقلي إذا ما طرأ سبب مهيء . ومن أمثلة الأسباب المهيئة : العيوب الوراثية والاضطرابات الجسمية والخبرات الأليمة خاصة في مرحلة الطفولة وانهيار الوضع الاجتماعي .
الأسباب المرسبة ( المساعدة ) :
وهي الأسباب والأحداث الأخيرة السابقة للمرض النفسي أو العقلي مباشرة والتي تعجل بظهوره . ويلزم لها لكي تؤثر في الفرد أن يكون مهيأ للمرض النفسي أو العقلي . والأسباب المرسبة تندلع في أثرها أعراض المرض ( أي تفجر المرض ) .
 ومن أمثلتها : الأزمات والصدمات مثل الأزمات الاقتصادية والصدمات الانفعالية والمراحل الحرجة في حياة الفرد مثل سن البلوغ وسن القعود وسن الشيخوخة أو عند الزواج أو الإنجاب أو الانتقال من بيئة إلى أخرى أو من نمط حياة إلى نمط حياة آخر .
 وكذلك وجوج البطالة والفقر والسكن غير الملائم وسوء التغذية كلها تؤثر على الصحة النفسية للفرد .. وتحت تأثير هذه الأحداث تتجه بعض العائلات الضعيفة إلى التفكك ، ويتعرض أبنائها إلى بعض الأمراض النفسية والعقلية
الأسباب الحيوية ( البيولوجية ) :
وهي في جملتها الأسباب الجسمية المنشأ أو العضوية التي تطرأ في تاريخ نمو الفرد . ومن أمثلتها : الاضطرابات الفسيولوجية وعيوب الوراثة ونمط البيئة أو التكوين وعوامل النقص العضوي .... إلخ .
الأسباب النفسية :
وهي أسباب تشمل الأحداث التي يتعرض لها الفرد في ظروف تمس الجوانب الشخصية ، وكيفية مواجهتها وكيفية الاستجابة لها .
وهي أسباب ذات أصل ومنشأ نفسي ، وتتعلق بالنمو النفسي المضطرب ، خاصة في الطفولة وعدم إشباع الحاجات الضرورية للفرد  واضطراب العلاقات الشخصية والاجتماعية .
 ومن أهم أمثلتها : الصراع والإحباط والحرمان والعدوان وحيل الدفاع ، والخبرات السيئة والصادمة وعدم النضج النفسي والعادات غير الصحية والإصابة السابقة بالمرض النفسي ... إلخ .
الصراع  :
هو نزاع متزامن للدوافع أو الرغبات المتعارضة .
 وينتج عن وجود حاجتين لا يمكن إشباعهما في وقت واحد ، ويؤدي إلى التوتر الانفعالي والقلق واضطراب الشخصية .
ويحدث شعوريا سهل اكتشافه ، أو لاشعوريا دون وعي الفرد ودون إرادته ، وذلك يصعب اكتشافه .
 ولابد من حل الصراع . ولكن يحل الفرد الصراع قد تلجأ الشخصية إلى حيل الدفاع النفسي . وإذا أخفق الحل وزاد الصراع فقد يرتكز على أتفه الأسباب ليظهر العرض المرضي .
الإحباط  :
عملية تتضمن إدراك الفرد لعائق يحول دون إشباع حاجاته ، أو تحقيق أهدافه ، أو توقع وجود هذا العائق مستقبلا .
فالإحباط المستمر يؤدي إلى شعور الشخص بخيبة الأمل فيما يريد تحقيقه من أهداف ، وذلك لوجود عائق أو ظروف قاهرة أكبر من إرادته وإمكانياته ، ويقهر محاولاته للتغلب على العائق سعيا للوصول إلى أهدافه ويؤدي إلى تحقير الذات والقلق .
الحرمان :
هو انعدام الفرصة لتحقيق الدافع أو انتفاؤها بعد وجودها . ومن أمثلته " الحرمان الحيوي ( البيولوجي ) ، والحرمان النفسي المبكر ، والحرمان البيئي العام ، وعدم إشباع الحاجات الأساسية مثل الحاجات الحشوية ، والحسية ، والانفعالية ، والنفسية ، والاجتماعية ، والجنسية ، والحرمان من دافع الوالدية ، والحرمان من حب وعطف وحنان ورعاية الوالدين ... إلخ .
إخفاق حيل الدفاع النفسي :
في حالة إخفاق حيل الدفاع النفسي التي هي وسائل لاشعورية هدفها تجنب الفرد حالة التوتر والقلق ليحتفظ بثقته واحترام ذاته ، وفي حالة اللجوء إلى حيل الدفاع غير السوية العنيفة مثل النكوص والعدوان والإسقاط والتحويل ، فإن سلوكه يظهر مرضيا.
الخبرات الصادمة :
مواقف تحرك العوامل الساكنة وتستفز ما لدى الفرد من عقد وانفعالات ودوافع مكبوتة ، ويقال أن كل مرض نفسي هو مأساة كتبت فكرتها في الطفولة بيد الوالدين ، ثم يقوم الفرد الضحية بتمثيلها في عهد الكبر .
وكلما كانت الخبرة الصادمة عنيفة كان تأثيرها في إحداث المرض شديد ، ولكن تأثيرها يتوقف على معناها بالنسبة للفرد وتفسيره لها على أساس مستوى نضجه وعلى أساس مشاعره الداخلية وعلى أساس الطريقة التي يعالج بها الأشخاص المحيطون به هذه الخبرة . وكذلك صدمة واحدة قد لا تؤثر في بناء الشخصية ، ولكن تكرار الصدمات يصدعه .
العادات غير الصحية :
تلعب دور هام في إنتاج الشخصية غير السوية والمرض النفسي أو العقلي . ومن أمثلتها : العادات الجسمية غير الصحية ( كما في المشي والكلام ) ، وسوء العادات الاجتماعية
( مثل عدم الضمير وعدم تحمل المسئولية الاجتماعية ) ، وسوء العادات العقلية المعرفية ( مثل نقص المعرفة بالمبادئ العلمية الأولية ) ، وسوء العادات الانفعالية ( مثل الحزن على ما فات والخوف من المستقبل ) ، وسوء العادات الدينية والأخلاقية ... إلخ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق