أجبر الجنرال الأمريكي ماك أرثر اليابانيين على القبول بعمليات تغيير واسعة النطاق في مؤسسات البلاد الرسمية والاجتماعية والاقتصادية.
فقد أعتبر ماك أرثر اليابان المهزومة بمثابة معمل رائع لتجربة تحرير شعب من حكم عسكري شمولي وخلق حكومة ليبرالية. كما اعتبر نفسه يقوم بدور المهندس الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وأعتقد أن واجبه كان يتمثل في إعادة بناء اليابان من الأعلى حتى قاعدة الهرم.
وخلال سنة من تسلمه المهمة أعلن أن "ثورة روحية" تحت إشرافه الخيّر قد أنهت حكم زعماء الاقطاع التقليدي في اليابان ومنحت اسلوب الحياة الأمريكي الديموقراطي لليابان.
ومن بين الهدفين اللذان حددتهما إدارة الاحتلال كان نزع سلاح اليابان هو الاسهل في التنفيذ بكل وضوح.
حيث بدأ ذلك مع إعلان الإمبراطور هيروهيتو في 14 اغسطس 1945م عن إستسلام اليابان غير المشروط واتبع بسلسلة من القرارات، ومن ضمنها بند السلام وإدانة الحرب الذي ضمن في الدستور، التي أكدت جميعها على يابان منزوعة السلاح.
أما الهدف الثاني للاحتلال، الدمقرطة، فلم يكن سهل التنفيذ حيث افترض الساسة الأمريكيون أن عليهم إحداث تغييرات جذرية في كل مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية اليابانية، وهو ما كان يعني الذهاب إلى ما هو أبعد من مجرد كتابة دستور جديد.
ومع ذلك فقد بدأ ماك أرثر تنفيذ خطته تلك لإعادة صياغة اليابان وتحويلها إلى سويسرا آسيا حيث عمد مع فريقه الإداري بتصفية الجيش والتجمعات القومية المحافظة ومعظم القادة السياسيين في زمن الحرب وقادة قطاعات الأعمال (زايباتسو)
وأدت هذه التصفية إلى القضاء على الطبقة العسكرية واستبدال الزعماء السياسيين القوميين بتكنوقراط واستبدال أسر (زايباتسو) بمدراء محترفين.
والأكثر أهمية أنها تركت البيروقراطية متماسكة وفي وضع قوي جدا في مقابل الجماعات الأخرى.
وقد ترأس ماك أرثر بنفسه عملية إعادة كتابة الدستور الياباني (ومن ضمنها الفقرة المتعلقة بالتخلي الدائم عن استخدام القوة أو بناء قوة عسكرية هجومية)
فضلا عن توسيع نطاق التصويت لكل الرجال والنساء وضمان حقوق مدنية للمواطنين اليابانيين شبيهة بتلك السائدة في أمريكا. كما عمد إلى القضاء على نفوذ تكتلات زايباتسو ومن ضمنها مؤسسات ضخمة مثل ميتسوي، وميتسوبيشي، وسوميتومو، مع إصرار مماثل على إعادة صياغة الثقافة السياسية اليابانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق