الخميس، 29 مارس 2018

حمزة بن عبد المطلب الهاشمي (5)

أولُ لواء عقده الرسولُ محمدٌ لحمزة بن عبد المطلب، إذ بعثه في سرية إلى سيف البحر من أرض جهينة، وقيل إن أول لواء عقده لعبيدة بن الحارث بن المطلب،
 قال ابن إسحاق: «فكانت رايةُ عبيدة بن الحارث -فيما بلغني- أولَ راية عقدها رسول الله Mohamed peace be upon him.svg في الإسلام لأحد من المسلمين».
بعث الرسولُ محمدٌ حمزةَ بنَ عبد المطلب إلى سيف البحر من ناحية العيص، في ثلاثين راكباً من المهاجرين، ليس فيهم من الأنصار أحد، فلقي أبا جهل بنَ هشام بذلك الساحل في ثلاثمئة راكب من أهل مكة، فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني، وكان موادعاً للفريقين جميعاً، فانصرف بعضُ القوم عن بعض، ولم يكن بينهم قتال
وكان الذي يحمل لواء حمزة أبا مرثد الغنوي.
وقال بعض الرواة: «كانت رايةُ حمزة أولَ راية عقدها رسول الله Mohamed peace be upon him.svg لأحد من المسلمين»
وذلك أنَّ بعْثَه وبعْثَ عبيدة كانا معاً، فشُبِّه ذلك على الناس، وقد زعموا أن حمزة قد قال في ذلك شعراً يذكر فيه أن رايتَه أولُ راية عقدها الرسول محمد، وقال ابن هشام: «وأكثر أهل العلم بالشعر يُنكر هذا الشعر لحمزة رضيَ الله عنه». وأما هذا الشعر الذي يُنسب لحمزة فهو هذه الأبيات:
ألا يا لقومي للتحلم والجهلِوللنقص من رأي الرجال وللعقلِ
وللراكبينا بالمظالم لم نطألهم حرمات من سوام ولا أهلِ
كأنا تبلناهم ولا تبل عندنالهم غير أمر بالعفاف وبالعدلِ
وأمر بإسلام فلا يقبلونهوينزل منهم مثل منزلة الهزلِ
فما برحوا حتى انتدبت لغارةلهم حيث حلوا ابتغى راحة الفضلِ
بأمر رسول الله، أول خافقعليه لواء لم يكن لاح من قبلي
لواء لديه النصر من ذي كرامةإله عزيز فعله أفضل الفعلِ
عشية ساروا حاشدين وكلنامراجله من غيظ أصحابه تغلي
فلما تراءينا أناخوا فعقلوامطايا وعقلنا مدى غرض النبلِ
فقلنا لهم: حبل الإله نصيرناوما لكم إلا الضلالة من حبلِ
فثار أبو جهل هنالك باغياًفخاب وردَّ الله كيد أبي جهلِ
وما نحن إلا في ثلاثين راكباًوهم مائتان بعد واحدة فضلِ
فيا للؤي لا تطيعوا غواتكموفيئوا إلى الإسلام والمنهج السهلِ
فإني أخاف أن يُصبَّ عليكمُعذاب فتدعوا بالندامة والثكلِ
فأجابه أبو جهل بأبيات من الشعر قال فيها ابن هشام: «وأكثر أهل العلم بالشعر يُنكر هذا الشعر لأبي جهل»، وأما هذا الشعر الذي يُنسب لأبي جهل فهو هذه الأبيات:
عجبت لأسباب الحفيظة والجهلِوللشاغبين بالخلاف وبالبطلِ
وللتاركين ما وجدنا جدودناعليه ذوي الأحساب والسؤدد الجزلِ
أتَونا بإفك كي يُضلوا عقولناوليس مضلاً إفكهم عقل ذي عقلِ
فقلنا لهم: يا قومنا لا تخالفواعلى قومكم إن الخلاف مدى الجهلِ
فإنكم إن تفعلوا تُدع نسوةلهن بواك بالرزية والثكلِ
وإن ترجعوا عما فعلتم فإننابنو عمكم أهلُ الحفائظ والفضلِ
فقالوا لنا: إنا وجدنا محمداًرضاُ لذوي الأحلام منا وذي العقلِ
فلما أبوا إلا الخلاف وزيَّنواجماع الأمور بالقبيح من الفعلِ
تيمَّمتُهم بالساحلين بغارةلأتركَهم كالعصف ليس بذي أصلِ
فورَّعني مجدي عنهم وصحبتيوقد وازروني بالسيوف وبالنبلِ
لإلَّ علينا واجب لا نُضِيعهأمين قواه غير منتكث الحبلِ
فلولا ابن عمرو كنتُ غادرتُ منهمُملاحمَ للطير العكوف بلا تبلِ
ولكنَّه آلى بإلٍّ فقلصتبأيماننا حد السيوف عن القتلِ
فإن تُبقني الأيامُ أرجعْ عليهمُببيض رقاق الحد محدَثة الصقلِ
بأيدي حماة من لؤي بن غالبكرام المساعي في الجدوبة والمحلِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق