الأحد، 20 مايو 2018

جنون الهوس والاكتئاب-2

وفيما يلي حالة تدل على خصائص هذا النوع :
طالب في كلية .... عمره ( 27 سنة ) ، لم يتزوج ، جاء قسرا مع أخيه ، وكان متخوفا جدا من المعالج ومن الفحص ، وكان يتلفت حوله في رعب ظاهر ...يقول أخوه ( جندي بالبوليس ) .... " .... امبارح كنا بنسمع الراديو ، فلقيناه ابدأ يضحك ... عرفنا أن الحالة رجعت ... وما نامش ، قلت له النهاردة ، يالله نروح المستشفى ، رفض ييجي ... فجبناه بالعافية .. الحالة دي حصلت له من سنتين ونصف ، قعد يغني أغاني عبد الحليم حافظ ، ويجري من هنا وهنا ، وأخذ كهرباء وخف . والمرة الثانية من قيمة سنة بعد ما دخل الجيش مجند حصلت له تاني ... وما أعرفش عملوا له إيه هناك ... " هو طالب ممتاز طول عمره الأول ، وبيدرس دراسات عليا ونشيط ولافيش بعد كده " ....
ولما سئل المريض عن شكواه ، قال : " ... ولا حاجة ... مبسوط من الدنيا ، وعايش في الخيال ، والحالة حلوة قوي ، ومافيش أحسن من الصراحة ... ولازم أوصل وأبقى زي ما أنا عاوز . وأنت عاوز مني إيه . أنت مالك بيه ... " .
ولما أعطي اختبار للذكاء مزق ورقة الإجابة ، ولكنه اعتذر فورا وقام مندفعا من حجرة الكشف . وبدراسة تاريخه لم تتبين أي سبب ظاهر مسئول عن حالة الهياج المتكررة ...
وقد عولج بالصدمات الكهربائية والمهدئات وتحسن تماما في خلال أسبوع واحد من العلاج .
وهكذا نرى كيف يفقد مريض الهوس الحاد بصيرته نهائيا ، وكيف يصاحب شعوره بالفرح خوف ورعب ، ثم كيف أن طيران الأفكار يكون أشد من الهوس الخفيف . ورغم شدة أعراضه إلا أنه يستجيب للعلاج المناسب بسرعة ونجاح
3 – الهوس الهذياني  :
وهو أشد أنواع الهوس ، وقد تتطور حالة المريض من الهوس الخفيف إلى الحاد إلى أن يصل الهذياني ، حيث تكون الخصائص في أشد صورها ، ولكن قد يبدأ المرض في صورة شديدة مباشرة ، فيحضر المريض أول ما يحضر في حالة هذيان تام دون سابق إنذار ن ويكون وعيه مختلطا من شدة فورة عواطفه ... ويتميز المريض في هذه الحالة بما يلي :
أ – يتهيج بشكل شديد ، فلا يستقر على حال وقد يحاول تحطيم الأشياء أو الإعتداء على غيره ، وقد يمزق ملابسه أو يتعرى تماما .
ب – لا يتعرف الزمان أو المكان أو الأشخاص بتاتا .
ج – يصاب بهلاوس سمعية وبصرية ... وقد يصاب بهلاوس أخرى متنوعة غير مستقرة .
د – تظهر الضلالات .. ، كما يزداد شك المريض فيمن حوله .
هـ - يتصرف المريض بغير تحرج ، فيأتي أعمالا منافية لكل الآداب ، ومنافية للمألوف ، يأتيها ببساطة وتبجح وإصرار .
و – يفقد المريض بصيرته نهائيا .
درجات الاكتئاب :
1 – الاكتئاب البسيط ( غير الذهاني ) :
يتميز هذا النوع من الاكتئاب بما يلي :
أ – نجد أن ثالوث الاكتئاب موجود ، ولكنه لا يصل إلى شدة ذهانية .
ب – لا يوجد سبب ظاهر لهذا الحزن والهمود ، كما لا يسبقه بوجه خاص قلق تكيفي .
ج – يتكلم المريض بصوت منخفض ، ولا يهتم بمن حوله ولا يتتبع الأمور بشغف واهتمام .
د – تقل شهية المريض للطعام ، ويقل نومه ، وعادة ما يستيقظ في ساعة مبكرة من الصباح في أسوأ حالاته .
هـ- يشكو المريض من العجز عن التركيز والاستيعاب ، وقد يلاحظ أن المريض يستطيع القراءة ولكنه يجد صعوبة في الكتابة .
ي – قد تصاحبه بعض أعراض جسمية مثل الصداع وعسر الهضم والإمساك والإنهاك .
وفيما يلي حالة تدل على خصائص هذا النوع :
طالب ، بكلية الزراعة ، جاء يشكو من انصرافه عن العمل ، وانشغاله بأفكار سوداء وفقد الثقة .
ومن نص شكواه " ... زي ما تقول مش قادر اتصرف في حاجة وما عنديش ثقة في نفسي ، فيه حاجات صغيرة مقدرش أعملها : كتابة جواب مثلا .... زي ما يكون فيه شلل في مخي ... دايما عندي إمساك باستمرار ، واضطراب هضمي ، ودلوقت أصبحت آكل بدون مزاج ما بحسش بطعم الأكل ".
وبسؤال أخيه هن حالته قال : " ... هوه اتغير كثير ، مش ده أخويا اللي كان يجري ، ويصاحب ، ومايسبش حاجة إلا لما يعملها . دة بيقول إنه شاعر زي ما يكون ارتكب خطأ في حق زملائه ... إنما ده مش صحيح يا دكتور ، وهو من سنتين كانت جت له حالة أخف
وبدراسة تاريخه المرضي ، وجد أنه انفصل عن والده منذ ستة عشر عاما ، وذلك للدراسة بين الكويت والقاهرة ، وأنه لا يزوره إلا كل عدة سنوات ، وأنه بذلك مفتقر إلى الجو الأسري ، منذ زمن بعيد ( إلا من شقيقه الذي يقيم معه ) من أجل الدراسة ، وكانت شخصيته قبل المرض من النوع الانبساطي ولم نجد سببا للمرض .
وقد أعطي المريض عقاقير مضادة للاكتئاب ، ولم يستجب سريعا ، وإن توقفت الأعراض عن التطور ، ولما أعطي أربع صدمات كهربائية ثم استمر على العقاقير تحسن تماما ما وعاوده مرحه وانطلاقه وإقباله على الحياة ...
2 – الاكتئاب الحاد   :
يتميز هذا النوع من الاكتئاب بما يلي :
أ – يظهر " ثالوث " الاكتئاب بشكل واضح .
ب – يصبح المريض منعزلا ، لا يختلط بغيره .
ج – يكاد المريض ألا يتكلم إطلاقا ن فإذا تكلم فإن استجابته تكون متأخرة وبطيئة .
د – تزداد الشكاوي المرضية العضوية بشكل ملحوظ ، ويميل أغلبها إلى الهمود .
هـ- يصعب عليه معرفة الزمان والمكان والأشخاص لعدم اكتراثه بشيء وقصور انتباهه معا .
ي – قد يصاحب كل ذلك هلاوس وضلالات تدور حول الشعور بالذنب واتهام النفس .
ز – قد تكون له بداية حادة بلا مبرر ظاهر في العادة ، ويصاحبها شعور وخبرة بتغير الذات ، وتغير العالم من حوله ، ( وهي مشاعر وخبرات أكثر منها أفكار واعتقادات مثلما هو الحال في الوساوس والضلالات التي تحمل نفس الاسم ) .
ع – كثيرا ما يصاحب ذلك هلاوس وضلالات تدور حول الشعور الذنب واتهام النفس .
غ – قد تسيطر على المريض أفكار انتحارية وقد تصل إلى حيز التنفيذ .
ف – نرى من كل ما سبق أن الاكتئاب في هذا النوع وما يليه قد وصل إلى شدة ذهانية .
وفيما يلي حالة تدل على خصائص هذا النوع :
موظف فني ، عمره ( 28 سنة ) ، لم يتزوج ( رغم أنه عقد قرانه ) ، جاء يشكو من ضيق شديد ، وخوف واضطراب وأعراض جسمية ، وكان من شكواه – بنص كلامه – " .... عندي خوف ، واستغراب ، حامل هم ، ازاي اليوم ده حينقضي ، وأخاف من بكره ، عندي عدم مبالاة تجاه الشغل ... فيه حاجة بتقاوم كل تصرف طبيعي عندي ... مش عايزاني أضحك ولا أعيش زي الناس ... ماعنديش نشاط ، حاسس إني خرقة بالية ، مااستلطفش أقعد مع حد .... " ، وكان يشكو كذلك من أعراض جسمية : " ألم في البطن ... وألم في الصدر ... ضيق تنفس ... توتر في الأعصاب – حاسس إنه فيه حاجة شداني ، ومن أعراض الضيق " ... عندي رغبة للصوات باكبتها ... باعيط باستمرار ، وأصحى بدري ، مش طايق نفسي .. وبافكر في الانتحار لأني حاسس إني مش حاخف .. أي مرض إما عندي وإما حيجيني ... "
وبدراسة تاريخه الأسري ، وجد أنه ملئ بالحالات المشابهة والأشد حدة ، فكان ابن خالته في مستشفى الأمراض العقلية من عشر سنين ، كما أصيبت أخته وأخويه بحالات مماثلة . وإن كان الخوف يغلب عليها ، ولكنهم شفوا جميعا إلا أخته التي بقي عندها بعض أعراض أهمها فقدان الثقة في النفس ...
وكان تاريخه المرضي السابق يشير إلى حالة مخاوف حادة     ( خوف من الموت ) ، أصابته بعد استئصال اللوزتين ، كما أصيب بحالة اكتئاب بسيط بعد دوسنطاريا حادة .
أما شخصيته قبل المرض فكانت من النوع النوابي ، وإن غلب عليها الانبساط والانطلاق والحيوية .
وقد ذهب إلى عديد من الأطباء ، وتناول كثير من العقاقير ، ولكن حالته لم تكن تسمح له بالاستمرار في أيها . ولم يكن يصاحبه أحد عند المعالج ليساعده في تحمل المسئولية ، وأخذ العلاج بانتظام ، وذلك لأنه كان يخجل من حالته .
وقد عولج بأربع صدمات كهربائية تحت تخدير عام ( وذلك للتغلب على خوفه ) ، وتحسن جدا ، فانقطع عن العلاج ، فعاودته الحالة بعد أسبوعين ، فجاء بعدها يطلب بشدة أن يكمل العلاج ، فأخذ أربع صدمات أخرى ، وشفي تماما لمدة عام ونصف حتى المتابعة الأخيرة .
وهكذا نرى أعراض الاكتئاب الحاد ، وقد اختلطت ببعض المخاوف – بل والوساوس - ، وكذا اصطحبتها الأعراض الجسمية المرضية الشديدة . وكيف أن كل هذه الأعراض زالت تماما بزوال الاكتئاب ، فهو يقول بعد العلاج : " ... مش معقول !!  مش حاسس بأي حاجة من بتاع زمان .... أنا حاسس إني اتولدت من جديد " .
3 – الاكتئاب الذهولي :
وهذا هو أقصى طور الاكتئاب ، وإذا وصل إليه المريض ، فإنه قد يصعب تشخيص الاكتئاب ذاته إلا بالتاريخ الطولي ، وسابق أحواله ، ثم بتتبعه أثناء شفائه وحكايته عن هذه الخبرة الآسية ، وقد نقص تواتر هذا النوع بعد التدخل السريع والمباشر لعلاج حالات الاكتئاب قبل أن تصل إلى هذه الدرجة ...
ويتميز هذا النوع من الاكتئاب بما يلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق