لَيْلى بنت لكيز بن مرّة بن أسد العَفِيفَة
(ت. نحو 144 ق هـ / 483 م) شاعرة عربية جاهلية من قبيلة ربيعة بن نزار وهي ابنة عم البراق بن روحان وحبيبته وزوجته
نشأت في حجر أبيها وبرعت بفضلها وكانت أملح بنات العرب في عصرها وأجملهن خصالا، آية في الجمال تامة الحسن كثيرة الأدب وافرة العقل شاع ذكرها عند العرب حتى خطبها كثيرون من سراتهم ، وكانت ليلى تكره أن تخرج من قومها وتود لو أن أباها زوجها بالبراق بن روحان ابن عمها. إلا أنها لم تعص أمر أبيها وصانت نفسها عن البراق تعففاً فلقبت بالعفيفة.
وكان والدها يتردد على عمرو بن ذي صهبان ابن أحد ملوك اليمن فيجزل عطيته، ويحسن إكرامه، فخطب منه ليلى وجهز إليه بالهدايا السنية، فأنف أن يرد طلبته، وأمل أن يكون الملك فرجاً لشدائد قومه، وحصناً في جوارهم، وذخيرة في عظائم أمورهم، فصعب الأمر على البراق لما بلغه الخبر، وأتى إلى أبيه وإخوته وأمرهم بالرحيل للبحرين فارتحلوا وونزل على بني حنيفة
وثارت في أثناء ذلك حرب ضروس بين بني ربيعة قوم البراق وقبائل قضاعة و طيء. فاتسع الخرق ودارت الدوائر على بني ربيعة. هذا والبراق معتزل عنهم برجاله لرغبة عمه عنه بابنته ليلى. فاجتمع إليه كليب بن ربيعة و أخوه المهلهل بن ربيعة يستنجدونه فقالوا له: يا أبا النصر قد طم الخطب ولا قرار لنا عليه. وأنشده كليب:
إليك أتينا مستجيرين للنصر فشمر وبادر للقتال أبا النصر
وما الناس إلا تابعون لواحد إذا كان فيه آلة المجد والفخر
فناد تجبك الصدي من آل وائل وليس لكم يا آل وائل من عذر
فأجابه البراق مُتهكماً:
وهل أنا إلا واحد من ربيعة أعز إذا عزوا وفخرهم فخري
سأمنحكم مني الذي تعرفونه أشمر عن ساقي وأعلوا على مهري
وأدعو بني عمي جميعاً وإخوتي إلى موطن الهيجاء أو مرتع الكر
ثم ردهم خائبين وبلغ الأعداء امتناع البراق من القيام بقومه، فأرسلوا إليه يعدونه بما شاء من الكرامة والسيادة فيهم إن آزرهم على قتال ربيعة. فأخذت البراق الغيرة لذلك، وزال ما كان في قلبه من الحقد والضغينة على قومه وأجاب بني طيء :
لعمري لست أترك آل قومي وأرحل عن فنائي أو أسير
بهم ذلي إذا ما كنت فيهم على رغم العدى شرف خطير
أأنزل بينهم إن كان يسر وأرحل إن ألمَّ بهم عسير
ألم تسمع أسنتهم لها في تراقيكم وأضلعكم صرير
وأمر رجاله بالركوب فركبوا وامتطى هو مهرته وكسر قناته وأعطى كل واحد من إخوته كعباً منها وقال لهم: حثوا أفراسكم، وقلدوا نجبائكم قلائد الجزع في الاستنصار لقومكم وانشد قائلا:
أقول لنفسي مـرة بـعـد مـرة وسمر القنا في الحي لا شك تلمع
أيا نفس رفقاً في الوغى ومسـرة فما كأسها إلا من السـم ينـقـع
إذا لم أقد خيلاً إلى كـل ضـيغـم فآكل من لحم العـداة وأشـبـع
فلا قدت من أقصى البلاد طلائعـاً ولا عشت محموداً وعيشي موسع
إذا لم أطأ طياً وأحلافهـا مـعـاً قضاعة بالأمر الـذي يتـوقـع
فسيروا إلى طي لنخلـي ديارهـم فتصبح من سكانها وهي بلـقـع
فامتثلوا رأيه وتفرقوا في أحياء ربيعة ، واستصرخوا قبائلهم، فجزعت ربيعة لجزع البراق، وأخذت أهبتها للحرب وتواردت قبائلها من كل فج وعقدوا له الرئاسة في قومه، ثم ساروا إلى ديار قضاعة وطيء وفي مقدمتهم البرَّاق و كليب بن ربيعة و المهلهل بن ربيعة و أبو نويرة التغلبي و الحارث بن عباد , فتقابل الجيشان فخرج نصير الطائي وهو من أشد الناس باساً و أقواهم مراساً. فقال البراق :
دعاني سيد الحيين منا بني أسد السميذع للمغار
يقود إلى الوغى ذهلاً وعجلاً بني شيبان فرسان الوقار
وآل حنيفة وبني ضبيع وأرقمها وحي بني ضرار
وشوساً من بني جشم تراها غداة الروع كالأسد الضواري
وقم بني ربيعة آل قومي تهيأوا للتحية والمزار
إلى أخوالهم طي فاهدوا لهم طعناً من العنوان واري
صبحناهم على جرد عتاق بأسياف مهندة قواري
ولولا صائحات أسعفتهم جهاراً بالصراخ المستجار
لما رجعوا ولا عطفوا علينا وخافوا ضرب باترة الشفار
فيا لك من صراخ وفاتضاح ونقع ثائر وسط الديار
أنا ابن الشم من سلفي نزار كريم العرض معروف النجار
وحولي كل أروع وائلي سديد الرأي مشدود الإزار
فأغاروا عليهم، وانطبق عليهم فرسان البراق من كل جانب فبرّحوا بهم القتل وانهزم الباقون، ثم عاد القوم إلى القتال وطالت الحرب بينهم، تارة لقوم البراق وأخرى عليهم، إلى أن ظفر بأعدائه وامتلأت أيديه من الغنائم وانقادت له قبائل العرب
وكان قد فك أسرى قومه، واسترجع الظعائن وكانت من جملتهن ليلى العفيفة،
واصطلحت القبائل بعد ذلك وأقروا للبراق بالفضل والشرف الرفيع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق