الزجل هو موضوع من مواضيع اللغة العربية ترجع جذوره إلى بلاد الأندلس.
وينتشر في بعض البلاد العربية بالرغم من ضعف الاهتمام الأكاديمي به ويعتقد أن السبب في ذلك يرجع إلى انعدام تقيده بالإعراب، وبالتالي عدم وصوله إلى الفهم المشترك للعرب.
وربما تكون أبرز الصعوبات في دراسة الزجل الأندلسي، عدم فهم الأزجال بشكل كامل، فهي مكتوبة بلهجة أندلسية، وأغلبها اندثر وقلّ استعماله
لغويا
استخدمت مفردة (زجل) في اللغة العربية قبل أن يصطلح على استخدامها لفن الزجل الشعري، وسنستفيد من تتبع بعض المواضع التي وردت فيها قبل نشوء فن الزجل الشعري، لندرك السبب في اختيار مفردة (زجل) اسما لهذا الفن الشعري.
1- الدلالة الأولى: الرمي، عرف ابن المنظور مفردة (الزجل) بتسكين الجيم بقوله: "الرمي بالشيء تأخذه بيدك فترمي به"، ومنه زجل الشيء يزجله وزجل به زجلا وزجلت به، ومن الأقوال الدلالة على استخدام مفردة (زجل) بهذا المعنى الحديث: "أخذ الحربة لأبي بن خلف فزجله بها فقتله" أي رماه بها، وحديث الصحابي عبد الله بن سلام: "فأخذ بيدي فزجل بي" أي رماني ودفع بي، وقال الشاعر: بتنا وباتت رياح الغور تزجله... حتى استتتب تواليه بأنجاد الغور: تهامة، وأنجاد: جمع نجد، وتزجله: أي تدفعه ويقال: "لعن الله أما زجلت به"، "وزجلت الناقة بما في بطنها زجلا" أي رمت به.
2- الدلالة الثانية: (الزجل) بفتح الجيم، الصوت الصادر من الجمادات، وعرفتها الموسوعة العربية العالمية بـ"درجة معينة من درجات شدة الصوت، وهي الدرجة الجهيرة ذات الجلبة والأصداء"، ومن ما ورد في ذلك من الأقوال، قولهم: "سحاب زجل": إذا كان فيه الرعد، و"غيث زجل": لرعده صوت، و"نبت زجل": صوتت فيه الريح، ونجد شعرا للأعشى منه قوله: تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت كما استعان بريح عشرق زجل، أي ريح مصوته، وقول أبو الرضا المعري
عبرت بربع من سياث فراعني به زجل الأحجار تحت المعاول
أي الصوت الصادر من جراء ضرب الأحجار بالمعاول.
3- الدلالة الثالثة: اللعب والجلبة ورفع الصوت، وخص به التطريب، كما جاء في معجم لسان العرب لابن المنظور، أو رفع الصوت المرنم كما جاء في الموسوعة العربية العالمية، فكان يطلق على صوت الحمام، ثم الصوت البشري المطرب. ومما ورد فيه من الأقوال، حديث الرسول محمد: "نزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة، وشيعها سبعون ألفا من الملائكة لهم زجل بالتسبيح والتحميد"، وأنشد سيبويه: له زجل كأنه صوت حاد إذا طلب الوسيقة أو زمير، وربما قصد به الغناء، فقيل: وهو يغنيها غناء زاجلا، "وقد يؤكد هذا الارتباط الدلالي بين كلمة زجل ومعنى الصوت العالي المنغم أن كلمة زجالة مازالت تطلق، في بعض الواحات المصرية، على جماعة من الشباب الذين يجتمعون في مكان بعيد ليؤدوا الرقص والغناء الصاخب بمصاحبة آلاتهم الموسيقية"
اصطلاحيا
يحاول صفي الدين الحلي [في كتابه (العاطل الحالي والمُرخَص الغالي) إيجاد تعليل للربط بين الاستعمال اللغوي والاستعمال الاصطلاحي، فيقول: "وإنما لا يلتذ به ويفهم مقاطع أوزانه ولزوم قوافيه حتى يغنى به ويصوت فيزول اللبس بذلك".
وهكذا غدت كلمة زجل في الدوائر الأدبية والغنائية مصطلحا يدل على شكل من أشكال النظم العربي، وأداته اللغوية هي إحدى اللهجات العربية الدارجة، وأوزانه مشتقة أساسا من أوزان العروض العربي، وإن تعرضت لتعديلات وتنويعات تتواءم بها منظوماته مع الأداء الصوتي للهجات، ويتيح هذا الشكل من النظم تباين الأوزان وتنويع القوافي وتعدد الأجزاء التي تتكون منها المنظومة الزجلية، غير أنه يلزم باتباع نسق واحد ينتظم فيه كل من الوزن والقافية وعدد الشطرات التي تتكون منها الأجزاء، في إطار المنظومة الزجلية الواحدة
ونجد تعريفا أكثر تحديدا لأحمد مجاهد يعرف فيه الزجل بـ"شعر عامي لا يتقيد بقواعد اللغة، وخاصة الإعراب وصيغ المفردات، وقد نظم على أوزان البحور القديمة، وأوزان أخرى مشتقة منها"
ويظهر أن تعريفات الزجل لا تختلف عن تعريفات الشعر، والجدل الدائر حولها، إلا باستخدامها اللهجات العامية، وترك الفصحى، وهو ما عبر عنه صفي الدين الحلي بقوله -متحدثا عن موضوع كتابه (العاطل الحالي) وهو الفنون العامية- : "هذه الفنون إعرابها لحن، وفصاحتها لكن، وقوة لفظها وهن، حلال الإعراب فيها حرام، وصحة اللفظ بها سقام، يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صناعاتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع، والأدنى المرتفع"
وينتشر في بعض البلاد العربية بالرغم من ضعف الاهتمام الأكاديمي به ويعتقد أن السبب في ذلك يرجع إلى انعدام تقيده بالإعراب، وبالتالي عدم وصوله إلى الفهم المشترك للعرب.
وربما تكون أبرز الصعوبات في دراسة الزجل الأندلسي، عدم فهم الأزجال بشكل كامل، فهي مكتوبة بلهجة أندلسية، وأغلبها اندثر وقلّ استعماله
لغويا
استخدمت مفردة (زجل) في اللغة العربية قبل أن يصطلح على استخدامها لفن الزجل الشعري، وسنستفيد من تتبع بعض المواضع التي وردت فيها قبل نشوء فن الزجل الشعري، لندرك السبب في اختيار مفردة (زجل) اسما لهذا الفن الشعري.
1- الدلالة الأولى: الرمي، عرف ابن المنظور مفردة (الزجل) بتسكين الجيم بقوله: "الرمي بالشيء تأخذه بيدك فترمي به"، ومنه زجل الشيء يزجله وزجل به زجلا وزجلت به، ومن الأقوال الدلالة على استخدام مفردة (زجل) بهذا المعنى الحديث: "أخذ الحربة لأبي بن خلف فزجله بها فقتله" أي رماه بها، وحديث الصحابي عبد الله بن سلام: "فأخذ بيدي فزجل بي" أي رماني ودفع بي، وقال الشاعر: بتنا وباتت رياح الغور تزجله... حتى استتتب تواليه بأنجاد الغور: تهامة، وأنجاد: جمع نجد، وتزجله: أي تدفعه ويقال: "لعن الله أما زجلت به"، "وزجلت الناقة بما في بطنها زجلا" أي رمت به.
2- الدلالة الثانية: (الزجل) بفتح الجيم، الصوت الصادر من الجمادات، وعرفتها الموسوعة العربية العالمية بـ"درجة معينة من درجات شدة الصوت، وهي الدرجة الجهيرة ذات الجلبة والأصداء"، ومن ما ورد في ذلك من الأقوال، قولهم: "سحاب زجل": إذا كان فيه الرعد، و"غيث زجل": لرعده صوت، و"نبت زجل": صوتت فيه الريح، ونجد شعرا للأعشى منه قوله: تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت كما استعان بريح عشرق زجل، أي ريح مصوته، وقول أبو الرضا المعري
عبرت بربع من سياث فراعني به زجل الأحجار تحت المعاول
أي الصوت الصادر من جراء ضرب الأحجار بالمعاول.
3- الدلالة الثالثة: اللعب والجلبة ورفع الصوت، وخص به التطريب، كما جاء في معجم لسان العرب لابن المنظور، أو رفع الصوت المرنم كما جاء في الموسوعة العربية العالمية، فكان يطلق على صوت الحمام، ثم الصوت البشري المطرب. ومما ورد فيه من الأقوال، حديث الرسول محمد: "نزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة، وشيعها سبعون ألفا من الملائكة لهم زجل بالتسبيح والتحميد"، وأنشد سيبويه: له زجل كأنه صوت حاد إذا طلب الوسيقة أو زمير، وربما قصد به الغناء، فقيل: وهو يغنيها غناء زاجلا، "وقد يؤكد هذا الارتباط الدلالي بين كلمة زجل ومعنى الصوت العالي المنغم أن كلمة زجالة مازالت تطلق، في بعض الواحات المصرية، على جماعة من الشباب الذين يجتمعون في مكان بعيد ليؤدوا الرقص والغناء الصاخب بمصاحبة آلاتهم الموسيقية"
اصطلاحيا
يحاول صفي الدين الحلي [في كتابه (العاطل الحالي والمُرخَص الغالي) إيجاد تعليل للربط بين الاستعمال اللغوي والاستعمال الاصطلاحي، فيقول: "وإنما لا يلتذ به ويفهم مقاطع أوزانه ولزوم قوافيه حتى يغنى به ويصوت فيزول اللبس بذلك".
وهكذا غدت كلمة زجل في الدوائر الأدبية والغنائية مصطلحا يدل على شكل من أشكال النظم العربي، وأداته اللغوية هي إحدى اللهجات العربية الدارجة، وأوزانه مشتقة أساسا من أوزان العروض العربي، وإن تعرضت لتعديلات وتنويعات تتواءم بها منظوماته مع الأداء الصوتي للهجات، ويتيح هذا الشكل من النظم تباين الأوزان وتنويع القوافي وتعدد الأجزاء التي تتكون منها المنظومة الزجلية، غير أنه يلزم باتباع نسق واحد ينتظم فيه كل من الوزن والقافية وعدد الشطرات التي تتكون منها الأجزاء، في إطار المنظومة الزجلية الواحدة
ونجد تعريفا أكثر تحديدا لأحمد مجاهد يعرف فيه الزجل بـ"شعر عامي لا يتقيد بقواعد اللغة، وخاصة الإعراب وصيغ المفردات، وقد نظم على أوزان البحور القديمة، وأوزان أخرى مشتقة منها"
ويظهر أن تعريفات الزجل لا تختلف عن تعريفات الشعر، والجدل الدائر حولها، إلا باستخدامها اللهجات العامية، وترك الفصحى، وهو ما عبر عنه صفي الدين الحلي بقوله -متحدثا عن موضوع كتابه (العاطل الحالي) وهو الفنون العامية- : "هذه الفنون إعرابها لحن، وفصاحتها لكن، وقوة لفظها وهن، حلال الإعراب فيها حرام، وصحة اللفظ بها سقام، يتجدد حسنها إذا زادت خلاعة، وتضعف صناعاتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع، والأدنى المرتفع"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق