المنظومة الزجلية تشابه الموشحة من حيث الشكل والبناء، ولكن قيوده وتكوينه أخف قليلا من تلك التي تخضع لها الموشحة، فهو ينظم في "هيئات متجددة تتعدد فيها الوحدات، وتتفرع الأوزان وتتنوع القوافي.
وأبسط قوالب النظم في هذه الهيئات المتجددة ما يعتمد على وحدات رباعية، كما يتبين من النموذج التالي المنقول عن زجل لصفي الدين الحلي(ت750):
ذا الوجود قد فاتك وأنت في العدم ما كفيت من جهلك زلت القدم
قد زرعت ذي العتبة فاحصد الندم أو تريدني الساعة ما بقيت أريد
ثم تتدرج قوالب النظم من حيث كثرة عدد أقسام المنظومة، وعدد أشطار وحداتها، ومن حيث التنوع في التقسيم الموسيقي لعناصرها، بحيث يصل تركيب قالب المنظومة"
إلى ما يماثل قالب الموشحة.
ويتكون الزجل من مطلع وأدوار وأقفال وخرجة، فيبدأ بالمطلع ثم دور بوزن وقافية خاصين، فقفل على وزن وقافية المطلع، وتتكرر الأدوار والأقفال بهذا الترتيب، والقفل الأخير يسمى الخرجة.
وسوف نورد مثالا لزجل نموذجي، مع الشرح عليه، وتبيين أجزاءه، وهو زجل لتقي الدين الحموي، أثبته في كتابه لتعليم الزجل، والمعنون بـ(بلوغ الأمل في فن الزجل)، ص93 وقال فيه: وقد عن لي أن أثبت هنا زجلاً من أزجالي الخالية من العيوب ليتضح للطالب سلوك هذه الطرق الغريبة، فمن ذلك ما نظمته، وأزهار الشبيبة يانعة، ومواردها عذبة، وهو هذا الزجل:
حين رققت نظـم الـغـزل تأنس غزالـي الـشـرود
وقال صف عيوني الوقـاح وقول سود بها قلت سـود
هذا الجزء يسمى المطلع، وكل جملة من جمله تسمى غصنا، ويكون أربعة أغصان، وقافيته ووزنه موحدان.
من أبصر حبيبـي حـسـن لا يكون في عـذلـو يزيد
فيوم عيد رسم بـالـبـعـاد وامتثـلـت لـو مـا يريد
ولو كـان قـريب الـديار ما كنت أمشي لو من بعـيد
هذا الجزء يسمى الدور، وله قافيته الخاصة الموحدة، ويتكون من ثلاث قسيمات، تكون أحيانا قسيمات بسيطة (كما هي هنا)، وتكون قسيمات مركبة، فيكون الدور فيها مكونا من ستة أسماط.
فيا دمعـي اجـري وقـف سايل ما جرا في العهـود
وقل للحبـيب الـطـبـيب يا طبيب لا تخلـف وعـود
هذا الجزء يسمى القفل، ولكل دور قفلا، وكل جملة من جمله تسمى غصنا، ويكون أربعة أغصان (كما هو هنا)، ويكون غصنان، ووزنه وقافيته يجب أن تكون على وزن وقافية المطلع.
حن نيران هواه أشعـلـت ومنشي البشر مـن تـراب
ما خلا في جسمـي رمـق وراح جا التعب والعـذاب
وجاه دمعي سـايل نـهـر رآني عذولـي مـصـاب
الدور الثاني.
قال تـريد أقـودو إلــيك بانشراح في غيظ الحسـود
قلت أي بالنبـي يا عـذول اطف ما بقلـبـي وقـود
القفل الثاني.
ذا القاسي بلـين قـامـتـو رق لي ونحوي عـطـف
وحلف ذا الغصين بالـوفـا ومحلا ليالـي الـحـلـف
وقال لي نظـام سـالـفـو حلى الجعدي هداك سلـف
الدور الثالث.
وماس تحت تـزريد عـذار يفوق حسن وشي البـرود
تذكـرت بـأن الـنـقـــــــــا وخضر عـيش أيام زرود
القفل الثالث.
تغـزلـت فـيه اطـربـوا ومال من رقيق الـغـزل
وقال خلي وصف الخـدود فأني كـثـير الـخـجـل
استطردت في وصـفـهـا سارت مثل سير المـثـل
الدور الرابع.
حددني بـسـيف نـاظـرو حين أقام علـيه الـحـدود
وقال كيف رأيت حالـتـك قلت نا قـتـيل الـخـدود
القفل الرابع.
قادنـي وقـطـر دمــوع عيني لما جـد الـرحـيل
وهيج لـعـقـلـي وقـال وقم يا ضالع الهجر سـيل
قلت قوم يا قلبي الـحـزين قاطع قلي حملـي ثـقـيل
الدور الخامس.
ومبرك ما كـنـا جـمـيع قبل أن كان لخيري جحـود
وقال حين حسابي جـمـل يا جمالي آش ذا القـعـود
القفل الخامس.
من بارق عذيب الـثـغـر حين عذبت طعم الـمـياه
طعم الراح بقي في انحراف ولطف المزاج عنـو تـاه
وجوري الخدود لـو يكـون نصيبـي كـفـانـي نـداه
الدور السادس والأخير.
تعود يا حبيبـي وطـبـيب لا تعدم مـحـبـك وجـود
فمن وجنتـيك والـثـغـر قصدو يا حـبـيبـي ورود
القفل الأخير ويسمى بـ(الخرجة).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق