الأحد، 15 أبريل 2018

كهوف عمرها 500 مليون سنة سكنها المخلوق الأول


عبر عدة طرق جبلية وعرة انطلقنا من دمشق، قطعنا 700 كيلومتر في زمن قدره 14 ساعة حتى وصلنا إلى نقطة في أقصى الشمال الشرقي من سوريا، وفي منطقة تابعة للأكراد حططنا الرحال في المكان الذي تسببت الاكتشافات العلمية الأخيرة فيه إلى زلزلة العالم شرقه وغربه، آلاف من الزوار ومئات من العلماء والباحثين في مختلف الميادين يعج بهم الطريق الجبلي الضيق الذي يوصل إلى الكهوف الأثرية، التي يعد اكتشافها حدثا هاما في تاريخ البشرية، بعد إزالة الغموض عن اللغز الذي حيّر الجميع حول أصل الإنسان ومن سكن الأرض قبله.
أكثر من 100 كهف، يعود تاريخها إلى عصر ما قبل الإنسانية، أي قبل نزول آدم عليه السلام من السماء، وقدر الجيولوجيون تاريخ هذه الكهوف بأكثر من 500 مليون سنة، ويعود الفضل في هذه الاكتشافات لبعثة يابانية جاءت إلى هذه المنطقة منذ 03 سنوات، وحددت تاريخ المنطقة، وتوصل البروفيسور هيدو فوجي رئيس هذه البعثة ورئيس بعثة التنقيبات في الكهوف إلى حقائق لم يتوصل إليها أي أحد من قبل.
كانت أبرز الاكتشافات وجود قطع صغيرة لم تكتشف سابقا مثل نسيجها الملون الذي كان بسبب وجود هذه الكهوف في منطقة رطبة، إلا إن هذه الكهوف ـ كما يقول الباحثون ـ كانت جافة، لذلك ساعدها هذا التكوين على أن يبقى هذا النسيج الناعم الملمس في القطع الصخرية دون أن تصاب بالتلف أو الذوبان، وقالت البعثة اليابانية في تقريرها وهي تصف هذه الكهوف إن هناك ما يقارب 400 كهف في هذه المنطقة، تآكلت أو تحطمت 300 منها، في حين بقى 100 منها في حالة جيدة، وهي محاطة بعدة وديان وواحات. وتقول البعثة أيضا إن هذه الكهوف كانت تستخدمها هذه المخلوقات كمحطة مرور، إذ كانوا يتنقلون من الجنوب أو الغرب إلى جهة الشرق أو العكس، وتؤكد البعثة إن التحليلات والفحوصات التي أجريت على صخور الكهوف دلت على إنها نحتت صناعيا من قبل مخلوقات شبيهة بالإنسان في طبقة صخور مشبعة بكربونات الكالسيوم في حدود 500 مليون سنة، وأن سبب حفرها أو نحتها يعود إلى أغراض دفاعية وقتالية، حيث كانت هذه المخلوقات عنيفة وشرسة تتقاتل فيما بينها باستمرار، بل وكانت تأكل لحوم بعضها البعض، واستخدمت بعد ذلك الكهوف كقبور لإلقاء جثث القتلى والموتى بها حيث كانوا لا يعرفون سنة دفن الموتى.
القرآن الكريم كشف الحقيقة منذ 14 قرنا من الزمان
بيّن الله عز وجل أمرا كان يجهله الناس، إذ أخبر تعالى الملائكة أنه سيتخذ آدم وذريته خليفة في الأرض، »وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً« البقرة 30 ، ومعنى خليفة أن هناك من كان في الأرض سلفًا لآدم ولكن هذا السلف هلك قبله، وأوضح ذلك وكشفه قول الملائكة عندما سمعت قول الله تعالى بجعل آدم خليفة: »... قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ...« البقرة: 30، فمن أين للملائكة أن تحكم على آدم من قبل أن يهبط إلى الأرض وتعرف أفعاله فيها، وهي لا تعلم الغيب؟!، ولم يكن قولها هذا من علم علمه الله لها، فقد أنكر تعالى عليهم قولهم: »قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ« البقرة: 30 ، وبيّن تعالى أن هذا المخلوق الجديد مختلف عما قبله، ووجه اختلافه أنه عاقل، قادر على التفكير، والنطق، والكلام، يقول عز وجل: »وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ«. البقرة: 31 ، فلما ظهر للملائكة عجزهم، »قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ«. البقرة: 32 ، فقال تعالى لآدم ولهم: »قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ« البقرة: 33.
وتبيّن الحفريات وعلم الآثار أن هنالك مخلوقًا قبل آدم، شبيها جدا بآدم وذريته، لكن هناك فاصل زمني بينهما مقدرا بين عشرة آلاف إلى عشرين ألف سنة، اختفت فيها آثار كل منهما، وهي الفترة بين هلاك الأول واستخلاف الثاني، وقد وصف العلماء الدارسون للآثار التي تركها شبيه آدم في الكهوف التي نقف عندها الآن بأن هذا المخلوق كان يعيش بطريقة همجية، يكثر فيها القتل وسفك الدماء، من كثرة العظام حول المغارات والكهوف التي كان يأوي إليها، ولم يكن هناك حياة أسرية بمعنى الكلمة، والنساء لا تعرف إعداد الطعام، ولا صنع الملابس، وأكله في الغالب خارج كهفه، وهذا الوصف له كان ممن لا يعرف ما في القرآن، وهو الأقرب إلى قول الملائكة: »... قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء«، وأن شبيه آدم لم يكن إنسانًا عاقلا كآدم وذريته، ودل ذلك قول الملائكة: »...وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ...«، فهذا المخلوق لا يعرف حمد الله ولا تقديسه، وكذلك لا يعرف النطق والكلام، ولا تسمية المسميات بأسمائها، وهذا ما بيّنه تعالى عندما علّم آدم الأسماء، ليظهر فضل آدم على من سبقه، وحتى على الملائكة أنفسهم، الذين يقفون عند تكاليف الله التي أمرهم بها ولا يتعدونها.
لما كانت هذه المعلومات مجهولة لأهل التفسير من قبل، فقد فسروا »خليفة« بخلائف التي وردت في عدة آيات، كما في قوله تعالى: »وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ...« الأنعام: 165، أي يخلف بعضكم بعضا، وتسمية آدم خليفة مختلف تماما عن تسمية ذريته خلائف، وقد ذكر أن هناك قبيلتين قبل آدم هما الحن والطم، واختلفوا في نسبهما وقيل إنهما من الإنس، وقيل من الجن، وقيل إنهما جنس آخر ليس من الإنس ولا من الجن، وهذا الرأي الأخير هو الذي يوافق الآية بغض النظر عن سبب تسميتهما بالحن والطم، ودراسة أسباب هذه التسمية وصحتها.
أما ما جاء في بعض التفاسير أن الذي خلفهم آدم وذريته هم من الجن، فالخلف يدل على وجود سلف، ولا يوصف الخلف بهذا الوصف وهو يجتمع مع السلف في نفس الزمان والمكان، فلا بد من غياب السلف وانقطاعه عن المكان بالغياب، أو انقطاعه عن الزمان والمكان بالموت، والجن جنس كان قبل آدم ومعه وبعده وموزعون في الأرض مع توزع الناس، فتسمية آدم بذريته خليفة أو خلائف بينهما اختلاف كبير، فالأولى جنس يخلف جنسا، والثانية بعض يخلف بعضا، ويوضح ذلك قوله تعالى: »وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ، ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ« يونس: 14.
وقال تعالى: »فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ« يونس: 73.
أنهم كانوا خلائف بعد هلاك من كان قبلهم، أو من كان معهم ممن لهم السيادة والتسلط.
عند الرجوع إلى تفسير القرطبي والطبري وابن كثير، نجد أن العلماء قلبوا أوجه المعاني في هذه التفاسير، لحل مشكلة قول الملائكة: »أتجعل فيها من يفسد فيها«، هل قولهم من باب الظن، أو رجما بالغيب، أو علم أطلعهم الله عليه، أو بسبب فساد من كان قبلهم، أو...، وأفضل تلك الأقوال، ما جاء في تفسير الطبري، »عَنْ ابْن عَبَّاس وَتَابِعه عَلَيْهِ الرَّبِيع بْن أَنَس مِنْ أَنَّ الْمَلائِكَة قَالَتْ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ عِنْدهَا مِنْ عِلْم سُكَّان الْأَرْض قَبْل آدَم مِنْ الْجِنّ، فَقَالَتْ لِرَبِّهَا: أَجَاعِل فِيهَا أَنْتَ مِثْلهمْ مِنْ الْخَلْق يَفْعَلُونَ مِثْل الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَ؟«... ولم يكن عند ابن عباس رضي الله عنهما من علم عن ذلك المخلوق شبيه آدم المسمى ظلما بالإنسان الأول، فآدم عليه السلام خلق ابتداء لذريته من غير أب ولا أم... ولا تطور عن خلق آخر قبله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق