الأربعاء، 11 أبريل 2018

نرجس(5)

ضاقت به الدنيا وتملكه اليأس وسيطر عليه الحزن. 
إنه يحب حسناءه ويعشقها.
 لكنها لا تبادله الحب بل تهرب منه. 
إنه عاشق منبوذ. 
ولم يغادر نركسوس حافة الغدير.
 لم يتوقف لحظه واحدة عن النظر إلي صفحة الماء. قضي ليله ونهاره محاولًا أن يمسك بحسنائه. 
لكنه لم يكن يتمكن من ذلك. 
ذبل عوده وراح جماله وأصبح كسيراً وذليلًا. 
لا تعرف الابتسامة طريقها إلى شفتيه. 
قضى عليه الحزن. فارق الحياة وهو يقول:
-وداعا...وداعا... يا من أُحب... وداعا.
فارق الحياة وهو يسمع صوتا نسائيا عذبا يقول:
-...يامن أحب وداعا...
لم يكن الوجه الجميل الذي رآه نركسوس تحت الماء سوى صورة وجهه الجميل تنعكس على صفحة الماء الصافي الساكن. لم يكن الحب الذي استعذبه نركسوس سوى عقاب أنزلته عليه أفروديتي لم تكن إيكو قد تخلصت من حبها لنركسوس لكنها كانت تريد أن تنتقم لكرامتها المحطمة.
ألقت إيكو نظرة أخيرة على جسد نركسوس ، الراقد على حافة الغدير، وسط المروج الخضراء.
 ثم انطلقت بعيدا عن المناطق المزروعة العامرة.
 عاشت ومازالت تعيش حتى الآن صوتا بلا جسد أو هيكل في الأماكن الجبلية المقفرة. 
عاشت وما زالت تعيش وهي تردد المقاطع الأخيرة من عبارات مسافر أو عابر سبيل.
 أما نركسوس فقد أشفقت عليه الآلهة وأعادته إلي الحياة. لكنه لم يعد بشراً كما كان من قبل أصبح زهرة جميلة.
 مظهرها يعبر عن الحزن.
 تنمو على ضفاف البحيرات والاغادير. 
ووسط المروج الخضراء. عاد نركسوس إلى الحياة في صورة زهرة مازالت حتى الآن تسمى زهرة النرجس (نركسوس).
أسطورة نركسوس التي تتناول الزهرة النرجس الجميلة، التي تنمو بالقرب من المجاري المائية، مانحة المناظر الطبيعية من حولها جمالًا وبهاء، والتي يرى فيها الإنسان تعبيراً عن الحزن. لقد رأى فيها القدماء نهاية كل شيء. 
كانوا يعتبرونها رمزًا للموت والفناء. 
وبذلك أصبح نركسوس الفتى الذي عشق صورته في الماء بينما إيكو كانت هي التي تردد وحدها الصوت في الرياح والصحاري والظلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق