الأربعاء، 11 أبريل 2018

الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية (3)

المرحلة الثانية : 1919-1954
رغم أن حزب نجم شمال إفريقيا قد ولد في فرنسا فإنه اهتم باللغة العربية في الجزائر اهتماما واضحا. فلم تمض سنة على إمشائه حتى نادى في مطالبه التي قدمها باسمه الحاج أحمد مصالي إلى مؤتمر بروكسل سنة 1927 بإنشاء المدارس باللغة العربية. والمعروف أن النجم قد حلته السلطات الاستعمارية الفرنسية سنة 1929 غداة الاحتفال المئوي بالاحتلال، ثم أعاد تنظيم نفسه سنة 1933 وهو ما يزال في فرنسا.
 وقد جاء في برنامجه الجديد الذي صاغه ووجهه للجزائريين بعد أن خرج منه التونسيين والمغاربة ما يلي:
المادة الثامنة تعليم اللغة العربية تعليما إجباريا.
 وجاء في مادة أخرى من هذا البرنامج:
 اللغة الرسمية في البلاد هي اللغة العربية. 
وفي مادة أخرى منه جاء فيها: 
التعليم سيكون مجانيا وإلزاميا في جميع مراحله، وسيكون باللغة العربية.
و قد تكون حزب الشعب الجزائري على أنقاض النجم سنة 1937 وأثناء مؤتمره العام الذي انعقد خلال أوت 1938 طالب حزب الشعب بما يلي حول اللغة العربية:
إصدار مرسوم يجعل تعلم اللغة العربية إجباريا في جميع مستويات التعليم على غرار الوضع في تونس والمغرب وفي المشرق العربي أيضا.
الحرية المطلقة للتعليم الحر. 
والمقصود بالتعليم الحر هنا هو التعليم العربي الذي كانت تمارسه جمعية العلماء، والذي كان يتعرض لاضطهادات إدارية قاسية مثل قرار ميشيل 1933 ورينييه 1935. والمعروف أن السلطات الفرنسية كانت تعتبر اللغة العربية لغة أجنبية في الجزائر وتجري عليها قوانين اللغات الأجنبية في فرنسا.
 لذلك يعتبر المطلب الثاني لحزب الشعب ليس فقط مطلبا شرعيا ووطنيا ولكنه منه انتصار لسياسة جمعية العلماء التعليمية.
تأسيس كلية للآداب بجامعة الجزائر، تدرس فيها اللغة العربية والآداب العربية إلى جانب التاريخ وعلم الاجتماع والفلسفة الإسلامية.
رفع مستوى الثانويات الإسلامية
 (أي المدارس الرسمية الثلاث المشار إليها في المرحلة الأولى)
 بتحويلها إلى جامعات إسلامية يقوم بتدريس العربية فيها وآدابها أساتذة مسلمون. والإلحاح على الأساتذة (المسلمون) 
في هذا الصدد يرجع إلى أن الدراسات العربية والإسلامية في المدارس الحكومية الثلاث وفي كلية الآداب وفي معهد الدراسات الشرقية 
الذي أنشئ خلال الثلاثينيات كانت كلها تحت إشراف المستشرقين الفرنسيين وهم الذين كانوا يسيرونها ويوجهونها ويمارسون التدريس فيها.
و قد سارت حركة انتصار الحريات الديمقراطية التي تأسست سنة 1946 
والتي هي في الواقع استمرار لحزب الشعب الجزائري، 
على الأسس المذكورة بالنسبة للغة العربية. 
وكان هذا الحزب نفسه قد أنشأ سنة 1937 
جريدة الشعب بالعربية في الجزائر إلى جانب الأمة التي كانت تصدر بالفرنسية في فرنسا. 
أما حركة الانتصار فقد أسست بدورها صحفا باللغة العربية تابعة لها أو نوحي منها مثل المنار والمغرب العربي وصوت الجزائر،
 إلى جانب الجزائر الحرة التي كانت تصدر بالفرنسية. فلم يأت نوفمبر سنة 1954 
حتى كان أعضاء الحزب متشبعين 
بمبدأ المطالبة باللغة العربية كلغة وطنية ورسمية للجزائر. 
ومن جهة أخرى أسس حزب الشعب مدارس حرة على غرار ما فعلت جمعية العلماء لتعليم اللغة العربية لأبناء الشعب الجزائري سيما منذ 1950.
أما جمعية العلماء المسلمين الجزائريين فممارسة تعليم اللغة العربية والمطالبة باحترامها وإنشاء الصحف بها واعتبارها هي اللغة التي تعبر عن عن شخصية الجزائر، 
كلها من المبادئ الأساسية التي قامت عليها وتضمنها دستورها وخطب رجالها، وكانت مدار مدارسها ومعلميها. 
وكان شعار جمعية العلماء المحفوظ لدى تلاميذها 
(الجزائر وطننا، والإسلام ديننا، والعربية لغتنا).
 فلا غرابة إذا أن تقوم حركة ابن باديس أولا وجمعية العلماء ثانيا،
 على نشر وتقديس العربية حتى قال ابن باديس مقولته الشهيرة
 (أقضي بياضي على العربية والإسلام وأقضي سوادي عليهما)
أو ما في معناها.
 و مع ذلك نذكر أن المطالب التي قدمتها جمعية العلماء للمؤتمر الإسلامي (1936) والتي تبناها المؤتمرون جميعا
 (و فيهم النخبة والشيوعيون والنواب)
 قامت على ما يلي بخصوص اللغة العربية:
إلغاء كل ما يتخذ ضد اللغة العربية من وسائل استثنائية، 
وإلغاء اعتبارها لغة أجنبية.
الحرية التامة في تعلم اللغة العربية.
وقد ظل ذلك هو شعار الجمعية والمطلب الرئيسي لها، بل والممارسة الفعلية في الميدان،
 رغم العراقيل والاضطهاد،
 فكان معهد ابن باديس
 وكانت العشرات من المدارس،
 وكانت الصحف والنوادي والجمعيات التي تنشر العلم بالعربية في المدن والقرى إلى قيام الثورة التحريرية.
 والمعروف أنه قد أعيد تنظيم الجمعية سنة 1946، مثل كل الأحزاب والمنظمات الوطنية.
 وقد لاحظ أحد الكتاب أن اللافتة المعلقة في أول اجتماع لجمعية العلماء بعد الحرب العالمية الثانية كانت تقرأ كالتالي: 
(نريد حرية التعليم والاعتراف باللغة العربية مثل الفرنسية). 
وقد قدمت جمعية العلماء بعد الحرب تقريرا مفصلا 
إلى السلطات الاستعمارية الفرنسية 
طالبت فيه بفصل الدين الإسلامي عن الدولة الفرنسية 
وجعل اللغة العربية لغة رسمية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق