الجمعة، 6 أبريل 2018

.الدبابة (14)

الدبابات في مراحل بداية تاريخها، اعتمدت على أنظمة بدائية للتهديف، فكان تصويب مدافعها يتم بطريقة يدوية، أي باستعمال عجلات تدار يدوياً لتحريك مجموعة من التروس والمسننات، وبمساعدة مناظير مقربة (تلسكوبية) ذات الخطوط المتصالبة وفيها أيضاً علامات التدريج الستاديامترية لتساعد بتقدير المدى، والتي استبدلت لاحقاً بمقدرات المدى التطابقية (السيتروسكوبية). شكلت هذه الوسائل أساس أنظمة التهديف في الدبابات إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى فترة السبعينيات، ومثالاً على ذلك نجد الدبابة السوفياتية "تي-55" أو الأمريكية "إم-48 باتون" استخدمت كغيرها أنظمة مشابهة للتي ذكرت آنفا.لكن ومنذ أواسط السبعينات بدأت مرحلة جديدة، وذلك بدخول جيل أحدث من الدبابات في الخدمة لدى مختلف الجيوش حول العالم، مثل "تي-64" و"تي-72" الشرقية، أو "إم-1 أبرامز" و"ليوبارد-2" في الغرب.
في الدبابة المعاصرة يقوم حاسب الرمي الباليستي بجمع المعطيات المدخلة إليه من عدة أجهزة ومجسات ليجري عملياته الحسابية ومن ثم يستخرج حسابات الرماية وتصويب السلاح. 
ولتنفيذ ذلك يأخذ الحاسوب قياسات سرعة واتجاه الرياح من مجس الرياح المنصوب على سطح البرج، قراءات درجة حرارة السبطانة من مجس حرارتها، وقراءات مرجع الفوهة ليحدد مدى انحناء السبطانة، معطيات فئة العتاد المجهز للرمي والتي يدخلها مدفعي الدبابة، مدى وسرعة وسمت ووجهة الهدف والتي يحددها مقدر المدى الليزري بعد أخذ علامتين للهدف على الأقل، كما يأخذ قياسات وضعية، سرعة، ووجهة المركبة من الجيروسكوب ووسائل أخرى. وهكذا يستخرج حاسب الرماية معادلات الرمي في أجزاء من الثانية، ويقوم بتصويب السلاح الرئيسي بشكل يضمن مستوىً عالٍ من دقة الإصابة، أي أنه يصوب المدفع بزاوية ارتفاع وسمت يؤدي لسقوط القذيفة في النقطة التي يسدد إليها الرامي آنياً. 
ولا بد لنا من الإشارة إلى خاصية تثبيت المدفع عمودياً وأفقياً، إذ يمكن للمدفعي اختيار نقطة ما، وجعل المدفع مثبتاً نحوها بغض النظر عن حركة الدبابة، فلو انعطفت الدبابة بأي اتجاه، أو لو سلكت طريقاً وعرة تجعلها تصعد وتهبط وتتمايل بسرعة، فإن المدفع يبقى دوماً مصوباً نحو هدفه، وذلك بفضل حاسب الرماية الذي يصححه بمعدل أجزاء الألف من الثانية أو أكثر، وهو ما يكسب الدبابات القدرة على الرماية خلال المناورة بالحركة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق