تعريف الهذاء :
حالة مرضية ذهانية ، يميزها الأوهام والهذيان الواضح المنظم الثابت . أي الهذيانات والمعقدات الخاطئة عن العظمة أو الاضطهاد ، مع الاحتفاظ بالتفكير المنطقي وعدم وجود هلوسات في حالة الهذاء النقي . أي أن الشخصية رغم وجود المرض تكون متماسكة ومنتظمة نسبيا مع احتفاظها – عادة – بإمكانياتها العقلية دون تدهور ناتج عن استمرار فترة المرض . فعلى سبيل المثال ، يظل ذكاء الفرد وذاكرته ومعلوماته دون أن يصيبها الضعف إلا على قلة وندور إن حدث . ويلاحظ أن محور تصرفات المريض يدور حول هذا الهذاء الذي يعتنقه والذي لا يشك للحظة في واقعيته وصدقه ، ويتخذ المريض من إمكانياته العقلية التي لم تتدهور سندا لتبرير صدق معتقداته الهذائية ، والدعوة بين الآخرين لتصديقها
أسباب الهذاء :
وفيما يلي أهم أسباب الهذاء :
1 – الوراثة :
لها أثر هام في الاستعداد لهذا المرض ، ويوجد في العائلة ومن أقارب المرضى وخاصة الوالدين - عادة - تاريخ إيجابي للمرض العقلي واضطرابات الشخصية
2 - الصراع النفسي بين رغبات الفرد في إشباع دوافعه وخوفه من الفشل في إشباعها لتعارضها مع المعايير الاجتماعية والمثل العليا ، والإحباط والفشل والإخفاق في معظم مجالات التوافق الاجتماعي والانفعالي في الحياة والذل والشعور بالنقص وجرح الأنا ، والاعتماد الزائد على حيل الدفاع ، وظهور هذه الحيل في شكل أعراض الهذاء . ومن أهم حيل الدفاع هنا : الإنكار ، والتبرير ، والتعويض ، والكبت ، والاسقاط ( مثل اسقاط الدوافع التي تؤدي إلى الشعور بالذنب إلى الخارج على " مضطهديهم " )
3 – اضطراب الجو الأسري وسيادة التسلطية والكف والنقد ونقص كفاية عملية التنشئة الاجتماعية ، والفشل في تحديد مستوى طموح يتناسب مع القدرات
4 – تهديد أمن الفرد من خلال المنافسة أو الرفض أو الخزي أو الهزيمة
5 – خبرات الحياة الصادمة ، والمشكلات التي تتركز حول احترام وقيمة الذات والمكانة الاجتماعية .
6 – اضطراب نمو الشخصية قبل المرض وعدم نضجها ، تميل إلى غلبة السمات البارنوية والخيالية
7 – المشكلات الجنسية وسوء التوافق الجنسي ، والعنوسة ، وتأخر الزواج ، والحرمان الجنسي ، وتعزى مدرسة التحليل النفسي الهذاء إلى أنه نتيجة للجنسية المثلية المكبوتة والمسقطة ، والشعور بالإثم . وقد افترض فرويد حدوث النموذج الآتي في الهذاء :
(أ) أنا أحبه ( وهذا مرفوض لأنه يعبر عن الجنسية المثلية اللاشعورية )
(ب)يحدث تكوين عكسي فيتحول إلى " أنا أكرهه " ( وهذا مرفوض أيضا لأنه يعبر عن العدوان ) .
(ج) حيلة الدفاع ( الإسقاط ) تحول ب إلى " هو يكرهني ويضطهدني "
8 – الأسباب العضوية :
هناك بعض عقاقير مثل الأمفيتامين تحدث أعراضا بارنوية مباشرة ، وقد تترك أثرا دائما حتى بعد الانقطاع عنها
الأعراض العامة للهذاء :
هناك أعراض عامة أهمها الأوهام والهذيانات والمعتقدات الخاطئة الجامدة المنظمة الدائمة التي تطغي على البصيرة ، والدفاع بحرارة عن هذه الأوهام والهذيانات ومحاولة إقناع الآخرين وتوجيه كل الاهتمام إليها وتمركز السلوك حولها . ويدور الهذاء عادة حول موضوع واحد مثل الزواج أو الدين أو النشاط السياسي ، وأوهام التأثير والتأثر ، حيث يعتقد المريض أن قوى خارجية تؤثر فيه ، وتسيطر عليه رغم إرادته ، وأوهام جسمية في شكل أفكار غريبة وشاذة عن جسمه ( كأن يعتقد أن الناس يتكلمون عنه ووسائل الإعلام تشير إليه ) . والتمركز الشديد حول الذات .وتفسير سلوك الآخرين من وجهة نظر شخصية ذاتية بحته مع الميل إلى تزييف الحقائق وتشويهها . وسوء التوافق الاجتماعي . والسلوك الجانح مع تغلب الغضب والعدوان والنقص الواضح في البصيرة .
أعراض الهذاء الاكلينكية :
للهذاء أعراض اكلينيكية أهمها ما يلي :
1 – هذاء العظمة أو توهم العظمة
حيث يعتقد المريض إعتقادا قويا بأنه شخص عظيم وأذكى وأقوى البشر ، وأنه يحصل على قوة خارقة للكشف عن الظواهر الغيبية ، أو أنه مرسل بدين جديد لهداية الناس ، أو أنه حاكم أو زعيم أو قائد أو بطل كبير أو ملك ملوك العالم أو مخترع جبار أو نبي أو رسول ، أو أغنى الأغنياء بما يملك من جبال من الذهب أو لديه القدرة على قراءة أفكار الناس وفهم ما يدور بخلدهم دون الحاجة إلى الكلام .. إلخ ، ويؤمن بأهميته وتفوقه وامتيازه وعظمته وخطورته ورفعته . وقد يعتقد أن لديه قوى خارقة أو سحرية (7) . وعادة ما تتبع هذاءات العظمة إحساس بالنقص وعدم الاستقرار والأمن ، ومن ثم ترضي هذه الهذاءات هذا الشعور بالنقص ، وتجعله يهرب من المشاكل اليومية وحقيقة أمره .
وفيما يلي حالة تدل على خصائص هذا النوع :
شاب ، في السادسة والعشرين من عمره ، كان ترتيبه الثاني في امتحان الثانوية العامة ، منذ بضعة سنوات ... ثم دخل كلية الهندسة ، واستطاع أن يصل إلى تفسير جديد ، يرجح اختراع معدن نادر من مخلفات معادن رخيصة ، وقد كان تفسيره لهذا الاحتمال واقعيا ومسلسلا إلا أن الافتراضات كانت أكبر من احتمال الحقائق العلمية المتاحة ، وقد استقبل أساتذته هذا الاختراع بتقدير طيب ، من حيث الفكرة ، وإن كانوا قد رفضوا تفاصيله ... وطالبوه بمزيد من الصبر دون التخلي عن محاولة البحث عن جديد طالما أنه متفوق في دروسه ..
إلا أن الطالب بدأ بعد ذلك في تفسير أحاسيسه الجسمية ، تفسيرات كيميائية خاصة ، حتى وصل إلى تشخيص خاص ، وهو أنه عنده شيخوخة مبكرة ، وظل يتتبع هذا الفرض ويثبته بتاريخ عائلي ، وبحقائق كيميائية صحيحة ، تتعلق بتمثيل المواد الدهنية وترسيبها وإحداثها لتصلب الشرايين ، واستمر هذا الاعتقاد عنده لمدة سنتين ، منتظما مرتبا ، ثم قال أنه عالج نفسه منه بفيتامين هـ ... وشفي ، وأن هذه أول حالة في العالم من نوعها ، وانتقل بعد ذلك بهدوء إلى أنه الآن مصاب بزيادة في نشاط الجهاز العصبي الباراسيمبتاوي ، وأن كل مظاهر اضطراب جسمه وتوقفه الدراسي وزيادة عرقه ناتجة من هذا الاضطراب بوجه خاص ، وكان من نص كلامه " .... أنا عندي زيادة في إفراز الأسيتيل كولين ، ولازم آخذ أرتان ، إذا كنتوا عايزين تخففوني ... والعرق ونبضات القلب كلها دليل على كده ... أنت عارف أن الغدد العرقية طبعا رغم أنها سمبتاوية إلا أن نهايتها كولينرجيك ... تلاقيك ... نسيت وأنت دكتور ، أصلي أنا أذكى منك . شوف أنت طالع كام في الثانوية العامة وأنا طالع كام ، وتلاقيك مش عارف اسم الأرتان الكيماوي ... أنا مش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق