إنَّ مما يثبتُ السعادة وينمِّيها
ويعمقُها :
أنْ لا تهتمَّ بتوافهِ الأمورِ ، فصاحبُ الهمةِ العاليةِ همُّه الآخرةُ
.
قال أحدُ السلفِ وهو يُوصِي أحد إخوانِه
: اجعلْ الهمَّ همّاً واحداً ، همَّ لقاءِ اللهِ عز وجل ، همَّ الآخرة ، همَّ
الوقوفِ بين يديْهِ
﴿
يَوْمَئِذٍ
تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ﴾
.
فليس هناك همومٌ إلا
وهي أقلُّ من هذا الهمِّ ، أيّ همٍّ هذه الحياةُ ؟ مناصبِها ووظائِفها ، وذهبِها
وفضتِها وأولادِها ، وأموالِها وجاهِها وشهرتِها وقصورِها ودورِها ، لا شيء !!
واللهُ جلّ وعلا قد وصف أعداءَهُ
المنافقين
فقال :
﴿ أَهَمَّتْهُمْ
أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ﴾
فهمُّهم : أنفسُهْم وبطونُهم وشهواتُهم ، وليست لهمْ هِمَمٌ عاليةٌ أبداً !
ولمَّا بايع الرسول
الناس نَحتَ الشجرةِ انفلت أحدُ المنافقين يبحثُ عن جَمَلٍ لهُ أحمر
وقالَ :
لحُصولي على جملي هذا أحبُّ إليَّ من بيْعتِكُمْ .
فورَدَ : « كلُّكمْ
مغفورٌ له إلاَّ صاحبَ الجملِ الأحمرِ » .
إنَّ أحد المنافقين أهمتْهُ نفسهُ ،
وقال لأصحابهِ : لا تنفروا في الحرِّ .
فقال سبحانه :
﴿قُلْ
نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً ﴾
.
وقال آخرُ :
﴿
ائْذَن
لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي ﴾
.
وهمُّه نفسُه ، فقال سبحانه :
﴿
أَلاَ
فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ ﴾
.
وآخرون أهمتْهُمْ أموالُهُمْ وأهلوهْم :
﴿
شَغَلَتْنَا
أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ﴾
.
إنهِا الهمومُ التافهةُ الرخيصةُ ، التي يحملُها التافهون الرخيصون ، أما الصحابة
الأجلاَّءُ فإنهمْ يبتغون فضلاً من اللهِ ورضواناً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق