ذكر دايلْ كارنيجي
قصَةَ رجل أصابَتْه قُرْحةٌ في أمعائه ، بلغ منْ خطورتِها أنَّ الأطباء حدَّدوا
لهُ أوان وفاتِهِ ، وأوعزُوا إليه أنْ يجهِّزَ كَفَنَهُ . قال : وفجأة اتخذ « هاني
» - اسم المريضِ – قراراً مدهشاً إنهُ فكَّرَ في نفسِهِ : إذا لم يبق لي في هذهِ
الحياةِ سوى أمدٍ قصيرٍ ، فلماذا لا أستمتعُ بهذا الأمدِ على كلِّ وجه ؟ لطالما
تمنيتُ أنْ أطوف حول العالمِ قبل أنْ يدركني الموتُ ، ها هو ذا الوقتُ الذي أحقِّق
فيه أمنيتي . وابتاع تذكرة السفر ، فارتاع أطباؤه ، وقالوا له : إننا نحِذّرُك ،
إنك إن أقدمت على هذهِ الرحلةِ فستدفنُ في قاعِ البحرِ !! لكنه أجاب : كلا لنْ
يحدث شيءٌ من هذا ، لقدْ وعِدتُ أقاربي ألا يدفن جثماني إلا في مقابرِ الأسرةِ .
وركب « هاني » السفينة ، وهو يتمثَّل بقولِ الخيامِ :
تعال نروي قصةً
للبشرْ
|
|
ونقطعُ العمرَ
بحُلْوِ السَّمَرْ
|
فما أطال النومُ
عمراً وما
|
|
قصَّرَ في
الأعمارِ طولُ السّهرْ
|
وهذه أبيات يقولها وثنٌّي غير مسلم .
وبدأ الرجلُ رحلةً
مُشبعةً بالمرحِ والسرورِ ، وأرسل خطاباً لزوجتِهِ يقولُ فيه : لقد شربتُ وأكلتُ
ما لذَّ وطاب على ظهرِ السفينِة ، وأنشدتُ القصائد ، وأكلتُ ألوان الطعامِ كلَّها
حتى الدَّسِم المحظور منها، وتمتعتُ في هذه الفترةِ بما لم أتمتعْ به في ماضي
حياتي. ثم ماذا؟!
ثم يزعمُ دايل
كارنيجي أنَّ الرجل صحَّ من علَّتِهِ ، وأنَّ الأسلوب الذي سار عليه أسلوبٌ ناجعٌ
في قهْرِ الأمراضِ ومغالبةِ الآلامِ !!
إنني لا أوافقُ على
أبياتِ الخيَّامِ ، لأنَّ فيها انحرافاً عن النهج الرَّبانيِّ ، ولكنَّ المقصود من
القصةِ : أن السرور والفرح والارتياح أعظمُ بكثيرٍ من العقاقيرِ الطبيَّة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق