السبت، 19 مايو 2018

نقْد أهلِ الباطلِ والحُسَّادِ




فإنك مأجورٌ – من نقدهمْ وحسدهِمْ – على صبرِك ، ثمَّ إنَّ نقدهُمْ يساوي قيمتك ، ثم إنَّ الناس لا ترفسُ كلباً ميتاً ، والتافهين لا حُسَّاد لهم .
قال أحدُهمْ :
إن العرانين تلقاها مُحَسَّدةً

ولا ترى لِلِئَامِ الناسِ حُسَّادا
وقال الآخر :
حَسَدُوا الفتى إذْ لم ينالوا سعيَهُ


فالناسُ أعداءٌ لهُ وخصوم

كضرائرِ الحسناءِ قُلْن لوجهِهَا

حسداً ومقتاً إنهُ لذميمُ 
وقال زهيرٌ :
مُحسَّدُون على ما كان من نِعَمٍ

لا ينزعُ الله منهمْ ما له حُسِدوا

وقال آخرُ :
همْ يحسدوني على موتي فوا أسفاً

حتى على الموتِ لا أخلو مِنَ الحسدِ

وقالُ الشاعرُ :
وشكوتَ مِن ظلمِ الوشاةِ ولنْ تجدْ



ذا سؤددٍ إلا أُصيب بحُسَّدِ

لا زلت ياسِبط الكرامِ محسَّداً

والتافهُ المسكينُ غيرُ محسَّدِ

سألَ موسى ربَّ أنْ يكفَّ ألسنةَ الناسِ عنهُ ، فقال اللهُ عزَّ وجلَّ :
(( يا موسى ، ما اتخذتُ ذلك لنفسي ، إني أخلقُهم وأرزقُهُمْ ، وإنهم يسبُّونَنِي ويشتُموننِي )) !!
وصحَّ عنهُ الرسول أنهُ قال :
(( يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ : يسبُّني ابنُ آدمَ ، ويشتمني ابنُ آدم ، وما ينبغي له ذلك ، أمَّ سبُّه إياي فإنهُ يسبُّ الدهر ، وأنا الدهرُ ، أقلِّبُ الليلَ والنهارَ كيف أشاءُ ، وأما شتمُه إياي ، فيقولُ : إنّ لي صاحبةً وولداً، وليسَ لي صاحبةٌ ولا ولدٌ)).
إنكَ لنْ تستطيع أن تعتقل ألسنةَ البشرِ عن فرْي عِرْضِك ، ولكنك تستطيعُ أن تفعلَ الخيرَ ، وتجتنب كلامهم ونقدهم .
قال حاتمٌ :
وكلمةِ حاسدٍ منْ غيرِ جرْمِ


سمعتُ فقلتُ مٌرّي فانفذيني

وعابوها عليَّ ولم تعِبْني

ولم يند لها أبداً جبيني

  وقال آخرُ :
ولقدْ أمرُّ على السفيهِ يسُبُّني

فمضيتُ ثَمَّة قلتُ لا يعنيني

وقال ثالثٌ :
إذا نَطَقَ السَّفيهُ فلا تُجِبْهُ

فخيرٌ مِنْ إجابِتِه السكوتُ

إنَّ التافهين والمخوسين يجدون تحدِّياً سافراً من النبلاءِ واللامعين والجهابذةِ .
إذا محاسني اللائي أُدِلُّ بها

كانتْ ذنوبي فَقُلْ لي كيف أعتذرُ؟!

أهلُ الثراءِ في الغالبِ يعيشون اضطراباً ، إذا ارتفعتْ أسهمُهم انخفضَ ضغطُ الدمِ عندهم ، ﴿ وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ{1} الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ{2} يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ{3} كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ .
يقولُ أحدُ أدباءِ الغَرْبِ : افعلْ ما هو صحيحٌ  ، ثم أدرْ ظهرك لكلِّ نقدٍ سخيفٍ !
ومن الفوائدِ والتجاربِ : 
لا تردَّ على كلمةٍ جارحةٍ فيك ، أو مقولةٍ أو قصيدةٍ ، فإنَّ الاحتمالَ دفنُ المعايبِ ، والحلم عزٌّ ، والصمت يقهرُ الأعداء ، والعفو مثوبةٌ وشرفٌ ، ونصفُ الذين يقرؤون الشتم فيك نسوهُ ، والنصفُ الآخرُ ما قرؤوه ، وغيرهم لا يدرون ما السببُ وما القضيةُ ! فلا تُرسِّخْ ذلك أنت وتعمِّقهُ بالردِّ على ما قيل .
يقولُ أحدُ الحكماءِ : الناسُ مشغولون عني وعنك بنقصِ خبزِهم ، وإنَّ ظمأ أحدِهم ينُسيهم موتي وموتك .
بيتٌ فيه سكينةٌ مع خبز الشعيرِ ، خيرٌ من بيتٍ مليء بأعدادٍ شهيةٍ من الأطعمةِ ، ولكنه روضة للمشاغبة والضجيج .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق