تشخيص الوهن النفسي :
1 - يلاحظ أنه من النادر أن يظهر الوهن النفسي كعصاب مستقل ، ولكنه يظهر كإضافة أو عرض لمرض نفسي آخر ( كما في الفصام البيسط أو الاكتئاب ) ، وينبغي عدم الإكثار من الوسائل التشخيصية .
2 – يجب المفارقة بين الوهن النفسي وبين الاكتئاب ، فالوهن النفسي يكون مستمرا ، أو الشكوى الأساسية هي الأعراض الوظيفية ، والاكتئاب أحد هذه الأعراض ، ويناقش المريض أعراضه ويتحدث عنها
3 – يجب المفارقة بين الوهن النفسي والفصام المبكر ، ففي الفصام المبكر لا يهتم بالمحيط الخارجي ، ويستغرق في أحلام اليقظة ، وتظهر عنده الهذيانات والهلوسات .
4 – يجب المفارقة بين الوهن النفسي وبعض الاضطرابات العضوية الجسمية الأخرى ( مثل فقر الدم أو نفص الفيتاميات أو اضطراب الغدد الصماء واضطراب عمليات البناء والهدم في الجسم ) .
5 – ويجب المفارقة بين التعب الجسمي و التعب النفسي ( فالتعب الجسمي يحدث نتيجة الإجهاد في العمل وقضاء الساعات الطويلة تحت الضغط العقلي والعضلي ونقص النوم ، ومثل هذا التعب يزيله الراحة والنوم ، أما التعب النفسي العصابي فهو الذي يحدث في غيبة مثل هذه العوامل السابق ذكرها أو عندما يستمر رغم الراحة والنوم ) .
علاج الوهن النفسي :
من أهم التوصيات العلاجية للوهن النفسي ما يلي :
1 – العلاج الصحي العام ، والعلاج الطبي للأعراض العضوية الصريحة للوهن النفسي ، لدى المريض ، واستخدام المهدئات ، والمنومات ، واستخدام بعض المقويات ، مع الاهتمام بالراحة ، والنوم ، وتفيد التمرينات الرياضية مع زيادتها تدريجيا وحسب طاقة المريض ، والعلاج والتطبيب بالماء والحمامات .
2 – العلاج النفسي بالطريقة المناسبة لحالة الوهن النفسي :
وهو يساعد كثيرا في هذه الحالات مثل التحليل النفسي ، وعلاج الشرح والإقناع ، والعلاج التنفيسي مع توجيه الاهتمام إلى اكتشاف وإزالة كافة الأسباب ، مع الاهتمام بمفهوم الذات ، وتقبل الذات ، وتقوية وتأكيد وإعادة الثقة ، ومساعدة المريض على فهم نفسه ، ومعرفة إمكانياته ، وحل صراعاته ، وحل مشكلته النفسية ، مع الاهتمام بتنمية وتطوير شخصيته نحو النضج ، وتشجيع المريض على أن يقبل على معركة الحياة بقوة وليس بضعف .
3 – العلاج الاجتماعي ، والعلاج الأسري للوهن النفسي :
والتوافق الاجتماعي ، وتعديل الاتجاهات ، وتحسين الظروف الاجتماعية للمريض ، وإثارة الميول والاهتمامات لديه ، مع الاهتمام بالعلاج البيئي ، وتعديل البيئة المباشرة والمحيطة ، والاهتمام بالتوجيه المهني بغية تحقيق النجاح الحقيقي في العمل .
مآل الوهن النفسي :
مآل الضعف النفسي حسن ، كلما كانت العوامل المسببة واضحة وتزال .
وفيما يلي حالة تدل على خصائص هذا النوع ( الوهن النفسي ) :
موظف ، عمره ( 42 عاما ) ، أعزب ، يقول في شكواه : " حاسس إني مش قادر أعمل حاجة ، مش قادر أشتغل ، فيه تنميل في جسمي ، وحاسس إني " هابط – هابط " ، وبتوصل بي الحال ، إلى التفكير المتعب اللي يجيب داغ الإنسان ، رجليه لما تمسكها تبقى منملة ، إنما فيه فوران ... عندي ضغط دم واطي ، سريع الغضب إلى أبعد الحدود ، خايف لحسن من ضعفي أقع في الشارع ، ما حدش يعرفني .. في حالة هدوئي أبقى وديع خاص زي طفل صغير " .
وبدراسة تاريخه الأسري ، تبين أنه أوسط تسع إخوة ، وأخوات ( الخامس ) ، وأن جميع إخوته الأكبر منه لم يتزوجوا ، وفيهم ثلاث عوانس ( 52 ، 50 ، 44 سنة ) ، رغم غنى والدهم الفاحش ، وسطوته في الصعيد .. ويقول المريض : " ..... والدي بطبعه يكره حاجة اسمها جواز ، وهوه منفصل عن والدتي من غير طلاق ، بقاله ثلاثين سنة ، بتشوف العائلات الثانية الأب بيدفع أولاده للزواج إلى ده ، رغم إنه سافر بره ومتنور ، زي ما يكون بيعتبر زواج أولاده عيب ، أو إهانة شخصية له . ولما صممت على زواج أختي الصغيرة غصب عنه ، عشان ما تحصلش إخواتها ... ابتدأت الحالة تظهر عندي بسيطة " . ثم يذكر أن الأعراض اشتدت جدا ، وظهرت بوضوح حين وجد نفسه في حيرة بشأن البت في زواجه هو شخصيا ، فقد احتار بين رغبات الأب ، وسيطرته ، وبين رغبته الطبيعية في الزواج والاستقلال وتكوين أسرة ، وخصوصا وأن شخصية الأب كانت طاغية من نوع خاص ، ذلك الأب الذي " ..... يعرف كل حاجة : إنجليزي وفرنساوي وطلياني وهيروغليفي كمان ، عنده ثمانين سنة ومتدين ، مع إنه مرافق غير والدتي (!) ... مش مخلي حاجة مالوش فيها " . وهكذا ظهر المرض الذي أعجزه عن العمل .
وهكذا نرى كيف نشأت الأعراض ، نتيجة لصراع بين الإقدام والإحجام ، وكيف استغرق هذا الصراع كل طاقة المريض حتى ظهرت أعراض الإعياء والإنهاك واضحة جلية
عصاب الهستيريا
اشتق هذا الاسم من اللفظ اللاتيني للرحم " هستيرون " لأن الفكرة الشائعة في ذلك الوقت ، أن هذا المرض يصيب النساء فقط ، وأن سببه هو انقباضات عضلية في الرحم ... وبالطبع فقد ثبت خطأ هذه التسمية ، فإن مرض الهستيريا يظهر في الرجال ولو أنه أكثر شيوعا في النساء وليس له علاقة بالرحم
تعريف الهستيريا :
مرض نفسي عصابي ، تظهر فيه اضطرابات انفعالية مع خلل في أعصاب الحس والحركة . وهي عصاب تحولي تتحول فيه الانفعالات المزمنة إلى أعراض جسمية ليس لها أساس عضوي ، لغرض فيه للفرد أو هروبا من الصراع النفسي ، أو من القلق ، أو من موقف مؤلم بدون أن يدرك الدافع لذلك ، وعدم إدراك الدافع يميز مريض الهستيريا عن المتمارض الذي يظهر المرض لغرض محدد مفيد .
وفي الهستيريا تصاب مناطق الجسم التي يتحكم فيها الجهاز العصبي المركزي ( الإرادي ) مثل الحواس وجهاز الحركة . وهذا غير المرض النفسي الجسمي ، حيث تصاب الأعضاء التي يتحكم فيها الجهاز العصبي الذاتي ( اللاإرادي ) .
الهستيريا مرض نفسي متعدد الأنواع ، فهناك من يطلق أسم الهستيريا التحوليةأو رد فعل التحويل أي التي تعني تحويلا جسميا لأمور نفسية نظرا لأنها تعتمد على حيلة دفاعية نفسية أساسية هي التحويل ، حيث تحول الإنفعالات والصراعات إلى أعراض جسمية كحل رمزي للصراع ، وهناك الإغماء الهستيري ، ويتمثل في نوبات يفقد المريض وعيه ، وقد يتصلب جسمه أو يهذى بكلمات لا معنى لها أو يأتي بحركات شاذة . وهناك التجوال النومي، ويتمثل في المشي أثناء النوم ، والقيام بنشاط حركي وإنجاز أعمال والفرد في حالة نوم ، وعندما يستيقظ الفرد فإنه غالبا لا يتذكر ما فعله أثناء تجواله النومي . كما أن هناك نوعا آخر من الهستيريا يشبه هستيريا التجوال النومي وهو المعروف " بالتجوال اللاشعوري ، ويتمثل في فقدان المريض لذاكرته لفترة طويلة ، فينسى نفسه وبيته وأهله وعمله ، ويخرج متجولا لفترة قد تطول أياما أو شهورا ، ويقوم أثنائها بأعمال ويزاول أنشطة ويجوب مناطق وبلادا ، حتى إذا أفاق من نوبة التجوال اللاشعوري هذا عادت إليه ذاكرته وتعرف على نفسه ورجع إلى بيته وأهله وعمله . وغالبا ما فعله أثناء نوبة التجوال .
ومن أنواع الهستيريا أيضا تعدد الشخصية فيعيش المريض فترة في شخصية معينة ، وفترة أخرى في شخصية غيرها ، ثم تعاوده الشخصية الأولى لفترة أخرى ، وهكذا يعيش بالتناوب شخصيتين أو أكثر . وغالبا لا يتذكر المريض الشخصية التي سبق أن عاشها في الفترة السابقة ، بل ربما أشار إليها على أنها شخصية فرد آخر خلافه مستخدما لها اسما معينا أو ضمير "هو" . وكثيرا ما تكون الشخصيات المتبادلة ، التي يعيشها مريض تعدد الشخصية ، شخصيات متكاملة في دوافعها ورغباتها وخصائصها ، ومقطوعة الصلة أو تكاد إحداها بالأخرى . وعموما فحالات الهستيريا المتعددة الشخصية من الحالات النادرة جدا والتي تستهوي الروائيين وتلهب خيالهم .
أسباب الهستيريا :
فيما يلي أهم أسباب الهستيريا :
1 – الوراثة :
وتعلب دورا ضئيلا للغاية ، بينما تلعب البيئة الدور الأكبر ، ولوحظ أن ( 6 % ) من إخوة المرضى ، وكذا ( 15 % ) من أبنائهم مصابون بنفس المرض ، ونعزو هذا إلى الوراثة ، كما نعزوه إلى الإيحاء البيئي والميل إلى التقليد . بينما يرجع بافلوف وأنصار التفسير الفسيولوجي ذلك إلى ضعف قشرة المخ ، بسبب الاستعداد الوراثي ، وعادة ما يكون المريض الهستيري ذا تكوين جسمي نحيف واهن ولكن يمكن حدوثها في أي تكوين جسمي آخر
2 – الأسباب النفسية للهستيريا :
الصراع بين الغرائز والمعايير الاجتماعية ، والصراع الشديد بين الأنا الأعلى وبين الهو ( وخاصة الدوافع الجنسية ) ، والتوفيق عن طريق العرض الهستيري ، والإحباط وخيبة الأمل في تحقيق هدف أو مطلب ، والفشل والإخفاق في الحب ، والزواج غير المرغوب فيه ، والزواج غير السعيد ، والغيرة ، والحرمان ونقص العطف والانتباه وعدم الأمن ، والأنانية والتمركز حول الذات بشكل طفلي . وعدم نضج الشخصية وعدم النضج الاجتماعي ، وعدم القدرة على رسم خطة للحياة ، وأخطاء الرعاية الوالدية مثل التدليل المفرط والحماية الزائدة ... إلخ ، والضغوط الاجتماعية والمشكلات الأسرية والتوتر النفسي والهموم ، والرغبة في الهروب منها ، والرغبة في العطف واستدرار اهتمام الآخرين ، والحساسية النفسية وسرعة الاستثارة وعدم النضج الانفعالي والضغوط الانفعالية والصدمات الانفعالية العنيفة وكبتها والهروب منها عن طريق تحويلها إلى أعراض هستيرية .
3 – كون أحد الوالدين شخصية هستيرية :
فيأخذ الطفل عنه ( اكتسابا ) سمات الشخصية الهستيرية .
4 – ومن الأسباب المباشرة للهستيريا ، فشل في حب أو صدمة عنيفة أو التعرض لحادث أو جرح أو حرق ... إلخ
5 – شخصية المريض قبل المرض :
تتصف عادة بميله إلى حب الطهور واستدرار العطف ، وحب الذات وحب التملك ، كما يتصف المريض عادة بالمبالغة والتهويل في كل الأمور ، وقد يطلق على هذه الشخصية اسم " الشخصية الهستيرية
أعراض الهستيريا :
قد يكابد المريض الهستيري أعراض نوع واحد أو أكثر من أنواع الهستيريا وعلى مستويات مختلفة من الشدة ، مضافا إليها بعض الأعراض العامة للهستيريا : مثل اضطراب الذاكرة ، أو شدة القابلية للإيحاء ، أو سرعة تقلب المزاج ، أو اضطراب بعض الوظائف النفسية
ولكن لا توجد كل أعراض الهستيريا في مريض واحد ، وفيما يلي أهم أعراض الهستيريا :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق