كم من مهمومٍ سببُ همِّهِ أمرٌ حقيرٌ
تافهٌ لا يُذْكَرُ !! .
انظر إلى المنافقين ، ما أسقط همَمَهُم
،وما أبْردَ عزائِمَهُمْ . هذه أقوالُهم :
﴿
لاَ
تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ ﴾
،
﴿
ائْذَن
لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي ﴾
﴿
بُيُوتَنَا
عَوْرَةٌ ﴾
﴿
نَخْشَى
أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ ﴾
﴿
مَّا
وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ﴾
.
يا لخيبةِ هذِهِ المعاطس يا لتعاسةِ
هذهِ النفوسِ .
همهم البطونُ والصحونُ والدورُ والقصورُ
، لم يرفعوا أبصارهم إلى سماء المُثُلِ ، لم ينظروا أبداً إلى نجوم الفضائل .
همُّ
أحدِهِمْ ومبلغُ عِلْمِهِ :
دابَّتهُ وثوبُهُ ونعلُهُ ومأدبتُهُ ، وانظرْ لقطَّاعٍ
هائلٍ منَ الناسِ تراهم صباح مساء سببُ همومهمْ خلافٌ مع الزوجةِ ، أو الابنِ ، أو
القريبِ ، أو سماعُ كلمةٍ نابيةٍ ، أو موقفٌ تافهٌ . هذه مصائبُ هؤلاءِ البشَرِ ،
ليس عندهم من المقاصدِ العليا ما يشغلُهم ، ليس عندهم من الاهتماماتِ الجليلةِ ما
يملأُ وقتهم ،
وقدْ قالوا :
إذا خرج الماءُ من الإناءِ ملأهُ الهواءُ ، إذاً ففكرْ
في الأمرِ الذي تهتمُّ له وتغتمُّ ، هلْ يستحقُ هذا الجهد وهذا العناءَ ، لأنك
أعطيته من عقلِك ولَحْمِك ودَمِك وراحتِك ووقتِك ، وهذا غُبْنٌ في الصفقةِ ،
وخسارةٌ هائلةٌ ثمنُها بخسٌ ، وعلماءُ النفسِ يقولون :
اجعلْ لكلِ شيء حداً
معقولاً ،
وأصدق من هذا قولهُ تعالى :
﴿
قَدْ
جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ﴾
فأعطِ
القضية حجْمها ووزنها وقدْرها وإياكَ والظلم والغُلُوَّ .
هؤلاءِ الصحابةُ الأبرارُ همهم تحت
الشجرةِ الوفاءُ بالبيعةِ فنالوا رِضوان اللهِ ، ورجُلٌ معهم أهمَّه جملُهُ حتى
فاتهُ البيعُ فكان جزاءهُ الحرمانُ والمقتُ ,
فاطرحِ التوافِه والاشتغال بها تجدْ أنَّ أكثر
همومِك ذهبتْ عنك وعُدْتَ فَرِحاً مسروراً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق