إن هذا هو العذاب الدائم ، وكثيرٌ هم الذين ينسون أنفسهم وأصواتِهم وحركاتِهم ،
وكلامَهم ، ومواهبهم ، وظروفهم ، لينصْهرُوا في شخصيِّات الآخرين ، فإذا التكلّفُ
والصَّلفُ ، والاحتراقُ ، والإعدامُ للكيان وللذَّات.
من آدم إلى آخر الخليقة لم يتفق اثنانِ
في صورةٍ واحدةٍ ، فلماذا يتفقون في المواهبِ والأخلاق .
أنت شيءٌ آخرُ لم يسبق لك في التاريخِ مثيلٌ
ولن يأتي مثُلك في الدنيا شبيه .
أنت مختلف تماماً عن زيد وعمرو فلا تحشرْ
نفسك في سرداب التقليد والمحاكاة والذوبان .
انطلق على هيئتك وسجيَّتك
﴿
قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ﴾
﴿
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ
﴾
عشْ كما خلقت لا تغير صوتك ، لا تبدل نبرتك ، لا
تخالف مشيتك ، هذب نفسك بالوحي ، ولكن لا تلغِ وجودك وتقتل استقلالك.
أنت لك طعم خاص ولون خاص ونريدك أنت
بلونك هذا وطعمك هذا ؛ لأنك خلقت هكذا وعرفناك هكذا
((لا يكن أحدكم إمَّعة))
.
إنَّ الناس في طبائعهمْ أشبهُ بعالمِ
الأشجارِ :
حلوٌ وحامضٌ ، وطويلٌ وقصيرٌ ، وهكذا فليكونوا. فإن كنت كالموزِ فلا
تتحولْ إلى سفرجل ؛ لأن جمالك وقيمتك أن تكون موزاً ، إن اختلاف ألوانِنا وألسنتِنا
ومواهبِنا وقدراتِنا آيةٌ منْ آياتِ الباري فلا تجحد آياته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق